والجواب: أنه لو كان كذلك، لوجب إذا كان المأموم عالمًا يحدث الإمام أن تبطل الفضيلة، ويبقى الجواز، وقد اتفقنا على بطلان الأمرين، فبطل ما قاله.
واحتج: بأنه ليس على المأموم معرفة طهارة الإمام من طريق الاجتهاد، ولا من طريق اليقين، وقد يخطئ الإنسان في كثير مما أُمِر بالاجتهاد فيه، فيعذر، فما لم يؤمر بالاجتهاد فيه، ولا معرفته من جهة اليقين أولى أن لا يعذر في خطئه.
والجواب: أن هذا يوجب أن يعذر إذا صلى خلف امرأة أو كافر.
فإن قيل: الإمام مؤتمن على طهارته، ولا يوقف عليها إلا من جهته، فإذا علمنا بقوله، لم يقبل رجوعه بعد ذلك؛ كالمرأة إذا أقرَّت بانقضاء العدة، ووجب، ثم رجعت عن ذلك، وقالت: لم تنقض عدتي بَعْدُ: أنَّا لا نقبل قولها.
قيل: فيجب أن لا يقبل قوله قبل الدخول في الصلاة؛ لهذا المعنى، وعلى أنا إنما لم نقبل رجوع المرأة بعد التزويج؛ لأن دخولها في عقد النكاح اعتراف منها بصحته، فإذا ادعت ما يوجب فسخه، وإبطال حق الزوج، لم تصدَّق، وليس كذلك في مسألتنا؛ لأن هذا من أمر الدين، فيقبل قوله فيه؛ كما يقبل قوله قبل الدخول في الصلاة. والله أعلم.