للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب: أن الطهارة عن الحدث أوسع، ألا ترى أنها لو عمت سائر البدن، غسلَ أربعةَ أعضاء، ويقدِّم غسلَ النجاسة عليها عند عدم الماء، وليس لها بدل، والطهارة عن الحدث لها بدل.

واحتج: بأن جِرْم الخفِّ مستحصفٌ كثيف، وجِرم النجاسة متحلل سخيف، فإذا جفت، نشفت الرطوبة التي فيها إلى نفسها فهي أزيلت، فالحك والمسح زال الجرم (١)، والرطوبة التي حصلت فيه، ولم يبق في الخف من أجزاء النجاسة إلا شيء يسير مثلها لو انفرد، لم يمنع جواز الصلاة، ولا يلزم عليه إذا كانت رطبة؛ لأن الجرم إذا أزيل بالحك والمسح، يثبت الرطوبة التي كانت معه تلاقيه لتجف، كأنه لم يصبه غيرها، ولا يلزم عليه البول؛ لأنه ليس له جرم ينشف الرطوبة إلى نفسه، فإذا مسحه بالأرض، علمنا أن أجزاء النجاسة باقية في الخف كما كانت، ولا يزيل تلك الأجزاء إلا الغسل، ولا يلزم عليه الثوبُ إذا أصابته نجاسة، فجفت أو لم تجف، كان لها جِرمٌ أو لم يكن، لا يجزئه إلا الغسل؛ لأن الثوب متحللٌ يتداخله [أجزاء] (٢) النجاسة، فلا يزيله الحك.

والجواب: أن في حال الملاقاة قد نجس الخف، وجفاف النجاسة لا يجذب تلك الرطوبة التي لاقت الخف؛ بدليل: أنه لو وقع ذلك الخف بعد مسحه في ماء يسير، أو مسحه بخرقة رطبة، نَجَّس الثوبَ والماء، فلو كان جفافُ النجاسة قد جذب الرطوبة إلى نفسه، لوجب أن يحكم بطهارة


(١) كذا في الأصل، وقد تكون: فبالحك والمسح …
(٢) في الأصل: آخر، والصواب المثبت.

<<  <  ج: ص:  >  >>