فإن قيل: من أصحابنا من قال: يلزمه أن يستقيء، كما رُوي عن أبي بكر - رضي الله عنه -: أنه شرب لبنًا، فقيل له: من نَعَم الصدقة، فاستقاء (١).
قيل: هذا قول لم يقل به أحد من الأئمة، وما روي عن أبي بكر - رضي الله عنه - لا يدل على أنه كان يراه واجبًا.
فإن قيل: المعدة معدن النجاسات، وإذا حصلت فيها، لم يجب إخراجها، وليس كذلك سائر البدن.
قيل له: المعدة ليست معدنا لإيصال النجاسات إليها؛ لاتفاقهم على أنه لا يجوز شرب الخمر، ولا أكل الميتة، وإنما يوصل إليها الأشياء الطاهرة، ثم تتغير فيها، وتستحيل نجاسة، ومع هذا، إذا حصلت فيها نجاسة من خارج، لم يجب إخراجها، كذلك في مسألتنا.
فإن قيل: إذا جاز أن يتغير الشيء فيها، فيستحيل نجاسة، ولا يجب إخراجها، جاز أن يحصل فيها نجاسة من خارج، ولا يجب إخراجها،
(١) رواه سعيد بن منصور بإسناده، كما ذكر إسناده الحافظ ابن حجر في التلخيص (٥/ ٢١٤٠) عن ابن المنكدر: أن أبا بكر - رضي الله عنه - … (ولم أجده في سنن سعيد المطبوع)، وابن المنكدر لم يدرك أبا بكر، وأخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة (١/ ٣٥) بإسناده عن زيد بن أسلم: أن أبا بكر - رضي الله عنه -، مرسلًا، وقد صح الأثر عن عمر - رضي الله عنه - كما قاله ابن الملقن في البدر المنير (٧/ ٣٩٦)، وأثر عمر - رضي الله عنه - رواه مالك في الموطأ في كتاب: الزكاة، باب: ما جاء في أخذ الصدقات والتشديد فيها، رقم (٩٢٤).