للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأولى أن يجب في غيرها من الصلوات، وأما اختصاص الجمعة بالعدد، فلأنه قد لا يتعذر لها؛ لأن الجمعة تجب في الجمعة مرة، فلا يتعذر الاجتماع، وغيرها من الصلوات يتكرر دفعات، فيشق مثلُ ذلك العدد، وعلى أن هذا يوجب ضعف الجمعة؛ لأنه متى لم يكمل ذلك العدد، سقطت الجمعة، وغيرُها من الصلوات لا تسقط.

وأما الخطبة، فإيجابها لا يدل على تأكيدها؛ لأنها عوض من الركعتين التي سقطت من الجمعة، فهي، وإن تأكدت الخطبة، فقد نقصت ركعتين، والظهرُ تأكدت بإيجاب أربع ركعات، فلا فرق بينهما.

واحتج المخالف: بما رُوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه قال: "صلاة الجميع تفضل على صلاة الفَذِّ بخمس وعشرين درجة" (١)، فأثبت للفذِّ صلاة صحيحة.

والجواب: أنا نقول له: صلاته صحيحة، إلا أنه يكون آثمًا عاصيًا بترك الجماعة، وليس في الخبر ما يدل على نفي الإثم.

فإن قيل: ثبوتُ المفاضلة في صلاة المنفرد والجماعة يدل على أن كل واحد منهما أحرزَ فضلًا، وعندكم: لا فضل في صلاة الفذ.

قيل: فقد تحصل المفاضلة بين شيئين، ولا خير في أحدهما (٢)، قال الله تعالى: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا} [الفرقان: ٢٤]، ومعلوم


(١) مضى تخريجه (١/ ٤٦٩).
(٢) في الأصل: ولا في أحدهما، والمثبت من هامش المخطوط.

<<  <  ج: ص:  >  >>