للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو حنيفة (١): يصلي مستلقيًا على قفاه، ووجهُه ورجلاه إلى القبلة، ولم يخيره في ذلك.

واختلف أصحاب الشافعي - رضي الله عنهم -، فمنهم من قال: يصلي مستلقيًا، ومنهم من قال: يصلي على جنبه، من غير تخيير (٢).

دليلنا: أنه متوجه إلى القبلة في الحالين جميعًا، أما إذا صلى على جنب، فإن وجهه وصدره إلى القبلة، وإذا جلس على الصفة التي هو عليها من غير تغيير، حصل مستقبلًا للقبلة، وكذلك إذا كان مستلقيًا؛ لأن وجهه يكون للقبلة (٣)، ونظره يقع إليها، ألا ترى أنه لو نهض على هيئته تلك، لحصل متوجهًا إليها، وإن كان مستقبلًا لها في الموضعين، كان مخيرًا في أيهما شاء، وإنما اخترنا الكون على الجنب؛ لأن الشرع نطق به، وروى أبو بكر النجاد بإسناده عن ابن عمر - رضي الله عنهما -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "يصلي المريض قائمًا، فإن لم يستطع، فعلى جنبه، فإن لم يستطع، فالله أولى بالعذر" (٤)، فنص على الجنب، ولأنها حالة يقصد فيها جهة القبلة، فأشبه حالة الدفن، وأجمعنا أنه يدفن على جنب، ويوجَّه إلى


(١) ينظر: تحفة الفقهاء (١/ ٣٠٥)، والهداية (١/ ٧٦).
(٢) ينظر: المهذب (١/ ٣٢٨)، والبيان (٢/ ٤٤٦).
(٣) في الأصل: القبلة، والمثبت يقتضيه الكلام.
(٤) أخرجه أبو الشيخ في طبقات المحدثين بأصبهان (٣/ ٥٣٨)، والأصبهاني في تاريخ أصبهان (٢/ ١٢٠)، قال ابن مفلح: (إسناده ضعيف). ينظر: الفروع (٣/ ٧١)، وكشاف القناع (٣/ ٢٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>