صبيانًا؛ لقرب عهدهم، ولأن صلاة الصبي تقع نافلة، والمتنفل لا يؤم المفترض على أصلنا، وهذا مبني على ذلك الأصل، ولأن الصغر نقص يؤثر في الشهادة، فأثَّر في الإمامة؛ دليله: الرق يمنع صحة الإمامة في الجمعة، ونقص الأنوثية يمنع صحة الإمامة بالرجال، كذلك يجب أن يؤثر هذا النقص في الإمامة، بل هذا النقص آكد؛ لأنه يمنع التكليف، ونقص الرق، والأنوثية لا يمنع التكليف.
واحتج المخالف: بما روى أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يؤم القومَ أقرؤهم لكتاب الله"(١)، ولم يفرق بين الصبي والبالغ.
والجواب: أنه محمول على البالغ.
واحتج: بما رُوي عن عمرو بن سلمة - رضي الله عنه -: أنه قال: كنت غلامًا حافظًا، فحفظت من ذلك قرآنًا كثيرًا، فانطلق أبي وافدًا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في نفر من قومه، فعلمهم الصلاة، فقال:"يؤمكم أقرؤكم"، وكنت أقرأَهم، فقدموني، فكنت أؤمهم، وعليّ بردةٌ صغيرة، فكنت إذا سجدت، تنكشف عني، فقالت امرأة من النساء: واروا عنا عورةَ قارئكم، فاشتروا لي قميصًا، فما فرحت بشيء بعد الإسلام فرحي به، فكنت أؤمهم وأنا
(١) أخرجه مسلم في كتاب: المساجد، باب: من أحق بالإمامة؟ رقم (٦٧٣)، من حديث أبي مسعود الأنصاري - رضي الله عنه -، أما حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -، فلفظه: "وأحقهم بالإمامة أقرؤهم". أخرجه مسلم في كتاب: المساجد، باب: من أحق بالإمامة؟ رقم (٦٧٢).