للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العدالة، وكذلك أخبار الديانات، ولأنه ائتم بفاسق، فلم يصح الاقتداء به، كما لو لم يقرأ خلفه، وليس لهم أن يقولوا به لو كان عدلًا لم يصح الاقتداء به إذا لم يقرأ؛ لأنا لا نسلم لهم هذا، بل نقول: يصح الاقتداء به، فسقط هذا، ولا يلزم على هذا إذا ائتم فاسق بفاسق؛ لأنا لا نعرف الرواية، ولا يمتنع أن نقول: لا يصح؛ بخلاف الأمي يصح أن يؤم أميًا مثله، وكذلك المحدِث؛ لأن الأمي والمحدث لا يمكنه رفع ما هو عليه من النقص، والفاسق يمكنه رفع فسقه في الحال بالتوبة (١)، ولهذا المعنى قلنا: لا يجوز للمسافر سفر معصية أن يأكل الميتة، وإن كان سبب إباحتها الضرورة، وليس ذلك بمعصية؛ لأن السفر سبب في تلك الضرورة، ويمكنه قطعه بفسخ النية.

واحتج المخالف: بما رُوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه قال: "يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله" (٢)، وهذا عام في العدل، والفاسق.

والجواب: أن الفاسق لا يدخل تحت هذا؛ لأن الكلام خرج من النبي - صلى الله عليه وسلم - مخرج الحث، والترغيب في الفضل، ومعلوم أن الفاسق لا يجب على أحد تقديمه، ولا يُرغب فيه؛ لأن عندهم تكره إمامته.

واحتج: بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما جعل الإمام ليؤتم به" (٣)، والائتمام ممكن، فيجب أن تصح إمامته.


(١) ينظر: الانتصار (٢/ ٤٧٢)، وشرح الزركشي (٢/ ٩٠).
(٢) مضى تخريجه في (٢/ ٣٤٢).
(٣) مضى تخريجه في (١/ ٢٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>