للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الاتخاذ في المذهب قولان؛ هل يحرم أو لا يحرم؟ والصحيح: أن الاتخاذ والاستعمال في غير الأكل والشرب ليس بحرام؛ أن استعمال الذهب والفضة في غير الأكل والشرب ليس بحرام، وكذلك الاتخاذ من باب أولى؛ وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما نهى عن شيء مخصوص وهو الأكل والشرب، ولو كان المحرَّمُ حتى غير الأكل والشرب لكان النبي عليه الصلاة والسلام، أبلغ الناس وأبينُهم في الكلام ما يخصُّ شيئًا دون شيء، بل إن تخصيصه الأكل والشرب دليل على أن ما عداهما جائز؛ لأن الناس ينتفعون بهما -بالذهب والفضة- في غير ذلك.

ولو كانت الآنيةُ حَرامًا مُطلقًا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بتكسيرِها، كما كان عليه الصلاة والسلام لا يَدَع شيئًا فيه تصاوير ولا تصيلبًا إلا كَسَرَه، فلو كانت الآنيةُ محرَّمَة لكان يأمُر بكسْرِها؛ لأنه إذا كانت محرمة في كل الحالات؛ في الاتخاذ والاستعمال وفي الأكل والشرب إذن ليس لبقائها فائدة، ليس لها إلا التكسير.

ويدلُّ لذلك أن أمَّ سلمة -وهي راوية الحديث- كان عندها جُلْجُل من فضة -الجلجل شيء يشبه الطابوق- جَعَلَتْ فيه شَعَرَاتٌ من شعر النبي عليه الصلاة والسلام، فكان الناس يستشفون بها، إذا مرض أحدٌ أو أصابه أَلَمٌ يبعثون إليها بماء وتجعله في هذا الجلجل وتُخَضْخِضُه بالشَّعَرَاتِ ثم تُعْطِيه المريضَ فيُشْفَى بإذن الله عز وجل، وهذا الحديث عنها صحيح في البخاري، وهي راوية الحديث، وهذا استعمال له ولَّا لا، استعمال له لكن في غير الأكل والشرب، فالصحيح أنه لا يَحْرُم إلا ما حرَّمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، في الأواني، وهو الأكل والشرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>