ثم قال:(وإن تَمَّ لصغيرٍ خمسَ عشرة سنةً) قارؤنا تلكَّأ بعض الشيء في (خَمْس) وأراد أن يقول: (خمسُ عشرة)؛ لأنها فاعل، ثم عدل وقال:(خمسَ عشرة)، فهل الصواب بالضم أو بالفتح؟ الصواب بالفتح؛ لأنها مبنية على الفتح، وكُلُّ الأعداد المركبة ما عدا اثني عشر كلها مبنية على الفتح، كُلُّ الأعداد المركبة: ثلاثَ عشرةَ، أربعَ عشرةَ، خمسَ عشرةَ، ستَّ عشرةَ، سبعَ عشرةَ، ثمانيَ عشرةَ، تسعَ عشرةَ، وأحدَ عشرَ أيضًا، أو إحدى عشرةَ، أما اثنا عشر فإنها بحسب العوامل؛ فتقول: جاءني اثنا عشر رجلًا، وأكرمت اثني عشر رجلًا، حسب العوامل.
(إن تمَّ لصغيرٍ خَمْسَ عَشْرةَ سنةً، أو نبت حَولَ قُبُلِهِ شعرٌ خشنٌ، أو أنزل).
هذه ثلاثة أشياء بها يحصل البلوغ، فيحصل البلوغ بواحد من الأشياء الثلاثة: إذا تم له خمسَ عشرة سنة فقد بلغ، والدليل على ذلك حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال: عُرِضْت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أُحُد وأنا ابن ثلاثَ عشرةَ سنة فلم يجزني (١)، أخرجه البخاري. وفي رواية للدارقطني والحاكم صحيحة: ولم يرنِي بلغت (٢).
طالب: أربعَ عشرة سنة.
الشيخ: وأنا ابن؟
الطالب: أربع عشرة.
الشيخ: إي، ثلاث عشرة.
الطالب: أربع عشرة.
الشيخ: لا، ثلاث عشرة، راجعها.
طالب:( ... ) أربع عشرة.
الشيخ: أربع عشرة؟ لا، ثلاث عشرة.
ولم يرنِي بلغت، وعُرِضْت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمسَ عشرةَ سنة فأجازني ورآني بلغت (١)، الشاهد قوله: ورآني بلغتُ؛ لأننا لو اقتصرنا على الرواية الأولى -رواية البخاري- لو اقتصرنا عليها لنازع منازع وقال: إنه أجازه ولم يجزه لا لأنه لم يبلغ أو قد بلغ، ولكن لأنه ليس أهلًا للقتال؛ إما لضعف جسمه، أو لغير ذلك من الأسباب، لكن رواية الحاكم والدارقطني تدل على أنه لعدم البلوغ لم يجزه، وللبلوغ أجازه.