قال نافع: فقدمت على عمر بن عبد العزيز وهو خليفة فحدثته بهذا الحديث، فقال: هذا هو حد البلوغ، وكتب إلى عماله بذلك.
وعلى هذا فنقول: إذا تم للإنسان خمسَ عشرةَ سنة فهو بالغ، وإن كان صغيرًا في جسمه، وإن كان لم يحتلم، وإن كان لم تنبت عانته، حدٌّ فاصل، فيمكن أن يكون الإنسان في أول النهار غير مكلف وفي آخر النهار مكلفًا، إذا وُلِدَ عند أذان الظهر؛ عند زوال الشمس، وتم له خمس عشرة سنة عند زوال الشمس، ماذا يقال؟ بلغ.
فإذا قال قائل: كيف يمكن البلوغ بين دقيقة ودقيقة؟
قلنا: لا بد من حدٍّ، إذا اعتبرنا البلوغ بالسنين فلا بد من حد، حتى لو جعلناها ثماني عشرة سنة سوف يبلغ في آخر النهار وفي أول النهار ليس ببالغ، حتى -مثلًا- في الإنزال إذا احتلم في نصف النهار صار أول النهار غير بالغ وآخره بالغًا، لا بد من حد، هذه (خمسَ عشرةَ سنةً).
الثاني:(أو نبت حَوْلَ قُبُلِهِ شعرٌ خشنٌ)(نبت حول قُبُله) سواءٌ كان ذكرًا أم أنثى، (شعرٌ خشنٌ) أي: قويٌّ صلب، احترازًا من الشعر الخفيف، فهذا يحصل حتى لابن عشر أو أقل، لكن الشعر الخشن القوي الصلب هذا علامة البلوغ.
وقوله:(نبت) ظاهره أنه نبت بدون علاج، أما لو كان هناك علاج بأن ادَّهن هذا الصبي بدهنٍ ينبت به الشعر فإنه لا يحصل البلوغ بذلك؛ لأن هذه معالجة، لكن إذا نبت بالطبيعة فهذا يحصل به البلوغ.
الثالث:(أو أنزل) أي: أنزل منيًّا سواءٌ في اليقظة أو في المنام فإنه يحكم ببلوغه. فهذه علامات البلوغ.
دليل المسألة الثانية والثالثة حديث عطية القرظي: أنهم عُرِضُوا على النبي صلى الله عليه وسلم يوم بني قريظة؛ فكان من أنبت أو احتلم قُتِلَ، ومن لا فلا (٣)، وهذا يكون قرينة على أن هذا هو البلوغ.