لما ذكر أن الولي يتجر مجانًا، وأن له أن يُعطي غيره المال مضاربة، ذكر مسألة أخرى: هل يجوز للوكيل أن يفرض لنفسه أجرة على النظر في مال المحجور عليه؟
الجواب: لا.
هل له أن يأكل؟ فيه تفصيل، قال:(يأكل الولي الفقير) وهو الذي ليس عنده ما يكفيه من كسب يده، أو غلَّة، أو راتب، أو مكافأة، إنسان فقير ما عنده شيء، ليس عنده إلا مال هذا اليتيم يتَّجر به.
يقول:(يأكل الولي الفقير من مال موليه الأقل من كفايته أو أجرته مجانًا).
إذا قدرنا أن أجرته -يعني أُجرة مثله- ألف ريال في الشهر، وأن كفايته خمس مئة ريال، يكفيه خمس مئة ريال، ما نعطيه؟ خمس مئة ريال؛ لأننا إذا أعطيناه خمس مئة ريال صار غنيًّا؛ إذ إنها هي كفايته، وإذا كان غنيًّا فقد قال الله تعالى:{وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ}[النساء: ٦].
طيب، إذا كانت كفايته ألفًا وأجرته خمس مئة، ما الذي نعطيه؟
طالب: نعطيه خمس مئة.
طالب آخر: الألف يا شيخ ما يكفيه.
طالب: خمس مئة وزيادة.
الشيخ: اسمع، يقول:(الأقل من كفايته أو أجرته مجانًا).
طلبة: خمس مئة يا شيخ.
الشيخ: الأقل منه، نعطيه خمس مئة.
المثال مرة ثانية: كفايته ألف وأُجرته خمس مئة، ماذا نعطيه؟ خمس مئة؛ لأنها الأقل. قال: يا ناس، ما تكفيني، أنا إلى الآن فقير، نقول: ليس لك إلا الأجرة فقط.
بالعكس: أجرته ألف ريال وكفايته خمس مئة، كم نعطيه؟ خمس مئة، وهذه ما فيها إشكال، الإشكال في المسألة الأولى: إذا كانت الأجرة أقل من الكفاية، فإنه سوف يبقى فقيرًا، وظاهر الآية الكريمة أنه يأكل بالمعروف، وأنه إذا كانت الأجرة أقل تُكمَّل له الكفاية.
وعلى هذا فنقول: يأكل كفايته سواء صار بقدْر الأجرة أو أقل أو أكثر؛ لأن هذا هو ظاهِر القرآن:{وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ}[النساء: ٦].