الدليل أنه أمين وأنه مُحسِن، وقد قال الله تعالى:{مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ}[التوبة: ٩١]. ولو قلنا: إن قوله لا يقبل لكان عليه سبيل، نضمنه ما ذمته بريئة منه؛ لأنه الآن يدَّعي أنه رده، وأن ذمته برئت، ولهذا قال الفقهاء رحمهم الله: يُقبل قوله في الرد ما لم يكن له أُجرة، بأن كان فقيرًا وأعطيناه أجرة أو نفقة فإنه لا يُقبل قوله؛ لأن المال بيده لحظ نفسه، وكل إنسان المال بيده لحظ نفسه فإنه لا يُقبل قوله في الرد.
القول الثاني: أن الولي لا يُقبل قوله في الرد؛ لأنه مُدَّعٍ، والمحجور عليه منكر، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:«الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ»؛ هذا دليل.
الدليل الثاني: أن الله تعالى قال: {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ}[النساء: ٦]، فأمر بالإشهاد، وأنت إذا لم تُشْهِد فقد خالفت أمر الله، فتكون بين معتدٍ أو مُفرَّط، والمعتدي أو المفرط ليس بأمين، نقول: لماذا لم تُشهِد؟ إن ربك أمرك بأن تُشهِد؛ لماذا لم تُشهِد؟ !
هذه أدلة من يرى أنه لا يُقبَل قوله في الرد، وكما أسلفنا لكم كثيرًا: أن من رجَّح قولًا على قول فلا بد من أمرين، وهما: بيان دليل الرجحان، والإجابة عن أدلة الخصوم. ولا يكفي أن تذكر أدلتك حتى ترد عن أدلة الخصوم.
أجابوا عن قوله تعالى:{مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} بأن هذا الرجل لم يُحسِن؛ لأنه فرَّط أو تعدى حيث لم يُشهد. ولماذا لم يُشهِد؟ !
ولو قال قائل: أنا أريد أن أتوسَّط بين القولين؛ فإذا كان الولي معروفًا بالورع والتقوى والصدق فالقول قوله، وإن كان الأمر بالعكس فلا يُقبل قوله، مع أننا لا نقبل قوله إلا بيمين، لا بد من يمين.