للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واعلم أن النية محلها القلب، ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»، فليست من أعمال الجوارح، ولهذا نقول: إن التلفّظ بها بدعة، فلا يسن للإنسان إذا أراد عبادة أن يقول: اللهم إني نويت كذا، أو أردت كذا، لا جهرًا ولا سرًّا؛ لأن هذا لم ينقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولأن الله تعالى يعلم ما في القلوب، فلا حاجة أن تنطق بلسانك، فهذا ليس بذكر حتى ينطق باللسان، وإنما هي نية محلها القلب، ولا فرق في هذا بين الحج وغيره؛ حتى الحج لا يُسنّ للإنسان أن يقول: اللهم إني نويت العمرة، أو نويت الحج، لكن يلبي بما نوى، والتلبية غير الإخبار بالنية؛ لأن التلبية فيها إجابة لله؛ فهي بنفسها ذكر، ليست إخبارًا عما في القلب؛ ولهذا يقول القائل: لبيك عمرة، أو لبيك حجًّا.

نعم، لو احتاج إلى الاشتراط فله أن يتلفظ بلسانه، بل لا بد أن يتلفظ فيقول مثلًا: لبيك عمرة، وإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، لبيك حجًّا وإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، وهكذا.

النية محلها القلب، فلا يشرع النطق بها لا سرًّا ولا جهرًا.

ومن الطرائف: أن بعض العامة سمع شخصًا يقول -يريد أن يصلي خلف الإمام-: اللهم إني أريد أن أصلي صلاة الظهر خلف الإمام فلان بن فلان، لما هم أن يكبر قال: اصبر، باقي عليك شوي؟ ما الذي بقي؟ قال: بقي عليك التاريخ، قل: صلاة الظهر في يوم كذا من الشهر الفلاني، من السنة الفلانية! ! يعني إذا كنت تريد أن تكتب وثيقة بينك وبين الله لازم تحرر الوثيقة، أما الصلاة وبس! فخجل الرجل؛ لأن هذا رد عليه، بقوله: باقي عليك التاريخ، وإحنا يمكن نضيف لك عليه أيضًا المكان.

طالب: عدد الركعات.

الشيخ: إي نعم، يعني على كل حال، الحمد لله لنا نية محلها القلب.

<<  <  ج: ص:  >  >>