للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعلى هذا: إذا ذهب إنسان للعمرة وطاف ووجد مشقة وهي نافلة، وقال لإنسان: يا فلان، وكَّلتك تسعى عني، وتحلق عني، على هذا القول يجوز.

وهذا في الحقيقة من أضْعف الأقوال: أن يجوز أن يستنيب شخصًا في إكمال النافلة؛ لأن الحج إذا شرع فيه الإنسان صار فرضًا واجبًا عليه، لا يمكن أن يتحلل منه إلا بإتمامه أو الإحصار عنه، أو بالعُذْر إن اشترط؛ لقول الله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالَعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦]. فالحج من بين سائر الأعمال، إذا شرعت فيه وهو نفل يلزمك أن تتم ما فيه، قال الله تبارك وتعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ} [البقرة: ١٩٧]، فجعل الإحرام بالحج فرضًا، وقال تعالى: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ} يعني الحجاج {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ} [الحج: ٢٩].

فالمهم؛ فهمتم الآن الأقوال في المسألة؟ أن بعض الناس توسع في النفل توسعًا فاحشًا ضعيفًا، فأقرب الأقوال أن التوكيل في النفل للقادر لا يصح أبدًا، يقال للقادر: إما أن تحج بنفسك وإما ألا تحج، والعاجز في إلحاق النفل بالفرض فيه ثِقل على الإنسان، الإنسان لا يجزم بأنه يلحق بالفرض؛ لأن الفرض لازم يُطالَب به الإنسان، والنفل تطوع ليس بلازم، فإذا أجازت الشريعة التوكيل في الفرض فإنه لا يلزم أن يجوز ذلك في النفل؛ لأن النفل الإنسان فيه منه في سعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>