للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فعلى القول بالتنويع، يقول: {أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا}، هؤلاء إذا قتلوا وأخذوا المال، إن قتلوا فقط بدون أخذ المال قُتلوا، إن قتلوا وأخذوا المال قُتلوا وصُلبوا، إن أخذوا المال فقط تُقطَّع أيديهم وأرجلهم من خلاف، بأن تُقطع اليد اليمنى والرجل اليسرى، إذا أخافوا الطريق دون أن يعتدوا على مال أو نفس فإنهم يُنفون من الأرض. والنفي من الأرض، هل معناه أن يطردوا من هذا المكان أو أن يحبسوا؟

في هذا قولان أيضًا للعلماء؛ منهم من قال: إن النفي من الأرض أن يُحبسوا لا أن يُطردوا إلى بلاد أخرى؛ لأنهم ربما إذا طُردوا إلى بلاد أخرى عادوا مرة أخرى فلم نستفد من نفيهم، أما حبسهم فإنهم يُحبسون عن الناس فلا يتعدى شرهم إليهم.

والأرجح في هذا أنه يرجع إلى اجتهاد القاضي؛ إن رأى أن ينفيهم من الأرض إلى بلاد أخرى، أو أن يُحبسوا على حسب ما يرى.

كم هذه الحدود؟ الزنا، السرقة، القذْف، قُطَّاع الطريق. الخمر، شُرْب الخمر، اختلف العلماء، هل هو حد أو تعزير؟

فأكثر أهل العلم على أنه حد، ثم اختلفوا: هل هو أربعون، أو ثمانون، أو يُخيَّر الإمام بينهما؟

ولكن من تدبر عقوبة شارب الخمر عرف أنها تعزير لا حد، لكنه لا يُنقَص عن أربعين جلدة، والدليل لذلك أنهم كانوا في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام يُؤتى بالشارب، فيقوم الناس إليه يضربونه، منهم من يضرب بيده، ومنهم من يضرب بالنعل، ومنهم من يضرب بالرداء أو بالجريد أو ما أشبه ذلك، ولهذا جاء في بعض ألفاظ الحديث: نحوًا من أربعين (٦).

ثم إن أبا بكر جلد أربعين، ثم جلد عمر أربعين، ولما كثر شرب الخمر جمع الصحابة رضي الله عنهم يستشيرهم، وهذا من دأبه رضي الله عنه، فقال عبد الرحمن بن عوف: يا أمير المؤمنين، أخفُّ الحدود ثمانون، يعني فاجلد شارب الخمر ثمانين، فأقر ذلك عمر (٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>