للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأكثر العلماء أخذوا بهذا، وقالوا: إن الحد ثمانون؛ لأن عمر استشار الصحابة وقدَّروه بهذا، وعمر له سُنَّة متبوعة، فلا يُزاد على ذلك ولا يُنقص منه، وسموا ذلك حدًّا.

لكن من تدبر النص الوارد في ذلك أو النصوص الواردة في ذلك عرف أنه ليس بحد، وأنه تعزير لا ينقص عن أربعين جلدة؛ لأنه لو كان حدًّا ما استطاع عمر ولا غيره أن يزيد فيه، ولهذا لو كثر الزنا في الناس -نسأل الله العافية- هل يمكن أن نزيد على مئة جلدة؟

لا يمكن حتى لو زاد؛ لو كثروا يعني، فإنه لا يمكن أن يزاد على مئة جلدة، فكون أمير المؤمنين عمر ومعه الصحابة يزيدون على ذلك، يدل على أن المقصود التعزير الذي يردع الناس عن هذا الخبيث، هذا واحد.

دليل آخر: أن عبد الرحمن بن عوف قال: أخف الحدود ثمانون، أو قال: ثمانين. أقره الصحابة على أنها أخف الحدود.

إذن ما فيه حد يكون أربعين، ما فيه حد، وهذا يُشبه أن يكون إجماعًا؛ لأن عمر ما قال: لا، فيه حد، فالصواب أنه تعزير.

وبناءً على ذلك لو كثر الناس وكثروا وكثروا، فلولي الأمر أن يزيد على ثمانين بالكم أو بالنوع أو بالكيفية، حتى لو مثلًا رأى أن يُعزَّر شارب الخمر بغير ذلك فلا بأس إلا أنه لا يقطع عضوًا من أعضائه؛ لأن بدن الإنسان مُحْترم، وليس فيه قَطْع، اللهم إلا في السرقة وقُطَّاع الطريق، هذه الحدود.

يرى بعض الناس أن من الحدود الرِّدَّة، ويكتبون هذا في مؤلفاتهم، ولكن هذا ليس بصحيح؛ لأن الردة إذا تاب المرتد ولو بعد القدرة عليه فإنه يُرفع عنه القتل ولا يُقتل، ولو كانت حدًّا ما ارتفع بعد القدرة عليه؛ لقول الله تبارك وتعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة: ٣٤].

<<  <  ج: ص:  >  >>