للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالصواب أن القتل بالرِّدَّة ليس حدًّا، حتى على قوْل من يقول: إن من أنواع الردة ما لا تُقبل فيه التوبة، مع أن الصحيح أن جميع أنواع الرِّدَّة تُقبل فيها التوبة، حتى لو سب الإنسان رب العالمين أو الرسل أو الملائكة، ثم تاب، فإن توبته مقبولة؛ لأن من المشركين من سبوا الله عز وجل، ومع ذلك قُبِلت توبتهم، ثم إن عموم الأدلة: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [الزمر: ٥٣]، يدل على أن أي ذنب تاب الإنسان منه فإن الله يتوب عليه، حتى لو سب الله جهارًا نهارًا، ثم تاب وحسنت حاله، قلنا: الحمد لله، باب التوبة مفتوح.

لكن من سب الرسول عليه الصلاة والسلام، ثم تاب، فإننا نقبل توبته، ولكننا نقتله؛ لأن سبه للرسول حق آدمي، ولا نعلم أعفى عنه الرسول أم لا؟ لأن الرسول قد مات، فالقتل لا بد منه، لكنه إذا تاب يُقتل على أنه مُسلم، يُغسَّل، ويُكفَّن، ويُصلَّى عليه، ويُدعى له بالرحمة، ويُدفن مع المسلمين.

على كل حال، الحدود الآن يجوز التوكيل في إثباتها واستيفائها، ومن الموكِّل؟

الموكِّل من له إقامة الحد، في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام، الأمير هو القاضي، والرسول هو القائد، وهو الإمام عليه الصلاة والسلام، فلا إشكال في الموضوع.

وكذلك إذا كان الأمراء هم القضاة فلا إشكال أيضًا؛ لأنهم سوف يحكمون أولًا، ثم ينفذون ثانيًا، فالأمراء هم الذين يُوكِّلون في إقامة الحدود، لكن في وقتنا الحاضر الآن تفرقت المسؤولية، صار القاضي عليه مسؤولية والأمير عليه مسؤولية، فمن الذي يملك تنفيذ الحدود؟

الأمير، وعلى هذا القاضي يرفع الحكم، ثم الأمير يُوكِّل إن شاء من يُنفِّذ الحكم.

ما هو الدليل على التوكيل في الحدود في إثباتها أو استيفائها؟

<<  <  ج: ص:  >  >>