للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدليل: قصة المرأة التي زنا بها أجير عند زوجها، أجير عند الزوج زنا بامرأته، مستأجِره، وقيل له -أي: لهذا الأجير-: إن عليك الرجمَ، فذهب أبوه وافتداه بمئة شاة ووليدة، يعني جارية؛ لئلا يُرجم، وهذه طبعًا فتْوَى جهل وخطأ، فسأل أهل العلم، فقالوا: لا، على ابنك الجلد، وعلى امرأة الرجل الرجم؛ لأن الابن غير مُحصَن، بكر، وزوجة المستأجِر ثيِّب، ثم جاء إلى النبي عليه الصلاة والسلام، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: «أَمَّا الْغَنَمُ وَالْوَلِيدَةُ فَهِيَ رَدٌّ عَلَيْكَ» (٨)، مردودة، يعني لا يملكها الزوج ولا الزوجة؛ وذلك لأن هذا الحكم مخالِف لحكم الله ورسوله، وبه نعرف أن ما قُبِض بغير حق يجب أن يُرد إلى صاحبه، وأن على زوجة هذا الرجم، وعلى ابنك جلد مئة وتغريب عام.

المهم أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال لرجل من الأنصار: «اغْدُ يَا أُنَيْسُ إِلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا»، فهذا توكيل في إثبات الحد واستيفائه، في إثباته حين قال: «إِنِ اعْتَرَفَتْ»، وفي استيفائه حين قال: «فَارْجُمْهَا». وعلى هذا فيجوز لولي الأمر أن يُوكِّل في إثبات الحدود؛ أي فيما تثبت به، وفي تنفيذها.

ولكن الأفضل أن يُباشِر ذلك بنفسه ولا سيما في عصرنا الآن، أن يُباشر ذلك بنفسه؛ لئلا يحصل خطأ في الإثبات أو خطأ في التنفيذ، لكن الكلام على أن هذا جائز، والدليل هذه القصة التي سمعتموها، الحدود في إثباتها واستيفائها.

ثم قال: (وليس للوكيل أن يُوكِّل فيما وُكِّل فيه إلا أن يُجعل إليه).

الوكيل يتصرف بالإذن ممن؟ من الْمُوكِّل، وإذا كان يتصرف بالإذن من الموكِّل فإنه يجب ألا يتعدى ما وُكِّل فيه، لا بصفة العقد، ولَّا بالمعقود له، فإذا قال: وكَّلتك أن تبيع هذا العبد على فلان، فعندنا الآن تعيين في المبِيع وتعيين في المشتري. هل يملك الوكيل أن يبيع عبدًا آخر من عبيد الموكِّل؟

<<  <  ج: ص:  >  >>