للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لا؛ لأنه خُصَّ بمعين. وهل يملك أن يبيع العبد المعين على شخص غير زيد؟ لا؛ لأنه يتصرف بالإذن فوجب أن يكون تصرفه بحسب ما أُذن له فيه.

خذ هذه القاعدة: أن الوكيل يتصرف بالإذن، فوجب أن يكون تصرفه بحسب ما أُذِن له فيه، لا يتعداه، إما لفظًا وإما عرفًا. طيب، هل له أن يُوكِّل؟

لا، ليس له أن يُوكِّل، فإذا وكلت فلانًا أن يبيع هذه السيارة، فليس له أن يُوكِّل غيره، لماذا؟ لأنني وكَّلته هو بنفسه، فليس له أن يُوكِّل غيره؛ لأني قد أثق به، ولا أثق بغيره، ولا سيما في الأمور التي يختلف فيها القصد اختلافًا كبيرًا، كما لو وكلت شخصًا يفرق زكاتي، وأراد أن يوكل غيره، هذا لا يمكن؛ لأن الزكاة أمرها عظيم، وربما أثق بفلان، ولا أثق بغيره.

فلا يجوز إذن أن يُوكِّل فيما وُكِّل فيه إلا في أحوال ثلاث:

الحال الأولى: قال: (إلا أن يُجعل إليه)، (يُجعل) هذا مبني لما لم يُسمَّ فاعله، فمن الفاعل؟ الموكِّل، يعني إلا أن يجعل الموكِّل ذلك للوكيل، فيقول: وكَّلتك في كذا، ولك أن تُوكِّل من شئت، أو من تثق به، أو أن تُوكِّل فلانًا جارك أو فلانًا قريبك، أو ما أشبه ذلك، هذه واحدة.

إذا جُعِل إليه، ووكَّل حسب ما جُعل إليه، يكون قد تصرف بحسب الوكالة ولَّا لا؟ نعم، يكون قد تصرف بحسب الوكالة؛ لأن الأمر جُعل إليه.

المسألة الثانية أو الحال الثانية: إذا كان مثله لا يتولاه عادة. فلو قلت لجارك وهو رجل شريف: يا فلان، من فضلك أنا سوف أسافر، اشترِ للبقرة؛ اشتر لها العلف كل يوم، وهو رجل شريف إما وزير، ولا قاضٍ، ولا أمير؛ الرجل الآن بيشتري علفًا كل يوم من المبيع، هل له أن يُوكِّل من يشتري العلف، ولا نقول: أنت تروح بنفسك؟ ما قال له: لك أن تُوكِّل؛ لأن هذا مما جرت العادة ألا يتولاه بنفسه، فله أن يُوكِّل من يشتري، وإن لم يؤذن له في ذلك، لكن عليه أن يتحرى الرجل الأمين أكثر مما يتحراه لماله.

<<  <  ج: ص:  >  >>