للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المسألة الثالثة أو الحال الثالثة: إذا كان يعجز عن مثله عادة، إذا كان الوكيل يعجز أن يقوم بمثل هذا العمل عادة.

مثال ذلك: وكَّلت رجلًا أن يصعد بحجر كبير إلى السطح؛ لأني أريد أن أبني به السطح، وهو رجل ضعيف ما يتحمل، هل له أن يُوكِّل من يحمل الحجر إلى فوق؟

طلبة: نعم.

الشيخ: أنا موكله هو، لكن لأن مثله يعجز عنه، وكذلك لو وكَّلته في بيع أموال كثيرة، وقلت: بِعْ هذه الأموال في الموسم هذا، لا تتعدَّ الموسم، وهي أموال كثيرة لو أنه باشرها بنفسه لانتهى الموسم قبل التصريف، فهنا له أن يُوكِّل.

فصار الوكيل ليس له أن يُوكِّل إلا في ثلاث حالات:

الأولى: أن يجعل إليه.

والثانية: ألا يكون مثله يتولاه بنفسه.

والثالثة: أن يكون عاجزًا عنه، ففي هذه الحال له أن يُوكِّل.

فإذا قال قائل: كيف أجزتم أن يُوكِّل في الحالين الأخريين؟

نقول: لأن هذا وإن لم يأذن فيه الموكِّل لفظًا فهو كالمأذون فيه عُرْفًا، كل أحد يعرف أني إذا قلت لجاري الشريف: يا فلان، اشترِ العلف للبقرة كل يوم، ( ... ) أني ما أردت أن يشتري بنفسه، أليس كذلك؟ كل يعرف إذا قلت لهذا الرجل: صرِّف هذه البضاعة في هذا الموسم، وهو عشرة أيام وهي بضاعة كثيرة، كل يعرف أن المراد أن يصرفها بنفسه أو بوكيله.

ففي الحقيقة أن هاتين الحالين المستثنيين هي في الحقيقة داخلة في قوله: (إلا أن يُجعل إليه)، لكن لما ذكرها العلماء نقول: إلا أن يُجعل إليه لفظًا، وأما الثانية والثالثة فقد جُعِل ذلك إليه عرفًا.

ثم قال المؤلف رحمه الله: (والوكالة عقد جائز)، الوكالة عقد وليست فسْخًا، (جائز) من الناحية التكليفية، أو من الناحية الوضعية؟ من الناحية الوضعية؛ لأنه من الناحية التكليفية ذُكِر من قبل، تصح بكل قوْل يدل على الإذن، ويصح التوكيل بكل حق آدمي.

لكن من الناحية الوضعية، هل هي من العقود الجائزة أو من العقود اللازمة؟

<<  <  ج: ص:  >  >>