للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقول المؤلف: إنها عقد جائز. والعقد الجائز هو الذي يملك كل واحد من المتعاقدين فسْخه بدون رضا الآخر، هذا العقد الجائز؛ كل واحد من المتعاقِدين فسخه بدون رضا الآخر، ولا إذنه أيضًا.

وجه ذلك ظاهر: أن الْمُوكِّل الأمر إليه، وأن الوكيل يتصرَّف بإذنه، فللوكيل أن يرجع، وللموكِّل أن يرجع أيضًا.

ثم إن قوله: (والوكالة عقْد جائز) يفيد أن العقود منها جائز، ومنها لازم، وهو كذلك، فعقْد البيع بعد التفرق من المجلس إذا لم يكن شرط الخيار عقد لازم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ» (٩).

الرهن عقد جائز من جانب المرتهن، عقد لازم من جانب الراهن، ووجههما ظاهر؛ لأن الحق لمن في الرهن؟ للمرتهِن، فإذا رضي بإطلاق الرهن وإزالته فالحق له، لكنه حق على الراهن، فلا يملك أن يتخلص منه.

طيب، الوكالة جائز من الطرفين، وبهذا تمت الأقسام؛ العقود ثلاثة أقسام:

عقد لازم من الطرفين، وعقد جائز من الطرفين، وعقد لازم من طرف جائز من طرف.

الوكالة عقْد جائز، قال: (تبطل بفسخ أحدهما) أنا عندي بإسقاط الواو، وهو الأصح؛ لأنك إذا قلت: (وتبطل) لم تكن هذه الجملة تفسيرًا لقوله: (جائز)، والجملة في الواقع؛ الجملة استئنافية تفسير لمعنى الجائز.

(تبطل بفسخ أحدهما) من أحدهما؟ الوكيل والموكِّل، تبطل بفسخه.

وظاهر كلام المؤلف رحمه الله أنها تبطل بفسخ أحدهما مطلقًا، ولو مع ضرر، ولكن يجب أن نقيد هذا ما لم تتضمن ضررًا، فإن تضمنت ضررًا فإنه ليس لأحدهما أن يضر صاحبه.

دليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» (١٠). وفي القرآن كثير أيضًا يقول عز وجل: {أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ} [النساء: ١٢]، ويقول عز وجل: {وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا} [البقرة: ٢٣١].

<<  <  ج: ص:  >  >>