للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ونحن نقول: إن طلَّق بعد علمه أنه عُزِل فلا شك أن الطلاق لا يقع؛ لأنه رُفعت عنه الوكالة، وإن طلَّق ولم يعلم فظاهر كلام المؤلف أنه لا يقع الطلاق؛ لأنه عُزل، وهذه المسألة فيها خلاف بين العلماء في مذهب الإمام أحمد؛ فمنهم من يقول: لا ينعزل إلا بعد العلم، ومنهم من يقول: ينعزل ولو قبل العلم.

والذي يظهر أنه إن تعلق به حق ثالث فإنه لا ينعزل، وإلا انعزل، مثال هذا: وكَّل إنسانًا أن يبيع بيته، وكَّل شخصًا، قال: بِعْ بيتي، وبعد انصراف الوكيل قال الموكِّل: اشهدوا أني عزلته وفسخْت الوكالة، والرجل ذهب وباع البيت، وتم البيع، وقُبِض الثمن، وتمت الكتابة، فعلى رأي المؤلف: البيع غير صحيح.

والقول الثاني، وهو رواية عن أحمد: أن البيع يكون صحيحًا؛ لأن المسألة الآن تعلق به حق ثالث، من هو الثالث؟ المشتري، وإذا قلنا ببطلان الوكالة لزم بطلان البيع وضياع حق المشتري، وهذا القول أصح: أنه إذا تعلق به حق ثالث فإنه يبطل البيع، وأما إذا لم يتعلق به حق أحد قد يقال: إن القول بانعزاله قبل علمه يتم، ولا يصح التصرف.

ذكرنا أن العزْل يكون بالقول ويكون أيضًا بالفعل، يكون بالقول واضحة، يقول: اشهدوا أني عزلتُ فلانًا، أو أني فسختُ وكالته، أو أبطلتُ وكالته، أو غير ذلك من العبارات الدالة على أنه فسخ الوكالة.

بالفعل لو أنه وَكَّلَ إنسانًا أن يبيع بيته، وبعد انصراف الوكيل باع الموكِّل البيت نفسه؛ باع الموكِّل نفسه البيت، ثم إن الوكيل باعه، الموكِّل باعه على زيد، والوكيل باعه على عمرو، فماذا نصنع؟ هل نقول: إن الوكيل انعزل أو لا؟ نعم، انعزل؛ لأن بيْع الموَكِّل للذي وكَّل شخصًا في بيعه يعني أنه عزله، وهذا عزْل بالفعل.

حينئذٍ -انتبهوا لهذه المسألة- الوكيل باع على عمرو، والموكِّل باع على زيد، إن أبطلنا بيع الوكيل فقد تعلق به حق مَنْ؟

طالب: المشتري.

<<  <  ج: ص:  >  >>