للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيقال: إذا كنا نعلم هذا من حال الموكل، أنه لو باعه على من يُخشى ألا يُسَلِّم الثمن، فحينئذ نقول: هذه قرينة، فليقبضه.

يقول: (ويُسَلِّم وكيلُ المشتري الثمنَ) (وكيل المشتري): إذا كان الموكلُ قد أعطاه الثمن وقال: خذ هذه -أربعون درهمًا- اشترِ لي بها ساعة. اشترى الساعة، يجب أن يُسَلِّم الثمنَ فورًا.

بقي لنا فيما سبق: قلنا: لا يقبض الثمن بغير قرينة وذكرنا للقرينة كم؟

طالب: صورتين.

الشيخ: صورتين، فيه أيضًا صورة ثالثة القرينة الشرعية، وهي: ما إذا كان البيع يشترَط فيه التقابض، فإنه لا بد أن يقبض الثمن.

مثاله: أعطاه حُلِيًّا من الذهب وقال: بعه. فهنا لا يمكن أن يبيع الذهب بدراهم دون قبض؛ بل لا بد من القبض، وحينئذ نقول: هذه قرينة، نصفها بأنها قرينة شرعية. والصورتان السابقتان قرينة عُرْفِية.

قال: (ويسلم وكيل المشتري الثمن): إذا أعطاه دراهم، قال: اشترِ لي بها سلعة. اشترى السلعة، نقول: يجب أن يسلم الثمن، حتى وإن لم يقل له: سلِّمْه للبائع؟

الطلبة: نعم.

الشيخ: نعم وإن لم يقل: سلِّمْه؛ لأن هذا من مقتضى العقد، كما أن وكيل البيع يُسَلِّم المبيع، فوكيل الشراء يُسَلِّم الثمن، هذا مقتضى العقد، كيف يشتري له بلا ثمن؟ !

ولكن يقول: (فلو أخَّره بلا عُذرٍ وتلف ضمنه) (لو أخره) أي: الوكيل، أي: أخَّر تسليم الثمن (بلا عذر) (ضمنه) إذا تلف.

مثاله: أعطيته أربعين درهمًا يشتري فيها سلعة، واشترى السلعة في أول النهار، وقال للبائع: آتي لك بالثمن في آخر النهار، أو سكت ولم يأت به إلا في آخر النهار، لكنه فيما بين الشراء وآخر النهار تلف الثمن، فإن المشتري يضمنه، لماذا؟ لأنه مُفَرِّط؛ إذ إن الواجب عليه أن يُسَلِّم الثمن مباشرة، هذا ما ذهب إليه المؤلف.

ولكن الصواب أن يقال: الحكم يدور مع علته، والناس إذا اشترى منهم الإنسان السلعة في أول النهار وأتى بالثمن في آخره، لا يعدُّونه مفرطًا؛ لأن هذا مما جرت به العادة.

<<  <  ج: ص:  >  >>