للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مثاله: أعطيت رجلًا يبيع لك ساعة فباعها؛ يسلمها إلى المشتري مع أنك أنت لم تقل: بعها وسَلِّمْها. مع أن الموكِّل لم يقل: بعها وسلِّمها. إنما أمرك بالبيع، فنقول: التسليم من مقتضى العقد؛ لأنه إذا تم البيع مَلَكَ المشتري السلعةَ، ووجب أن تُسَلِّمها له.

وهل يقبض الثمن؟ لا، لا يقبض الثمن؛ لأنه إنما وُكِّل في البيع، فيبيع ويقول: خلاص، يا موكلي بعت على فلان، روح خذ الثمن منه. لا يقبض الثمن، وجه ذلك أمران:

الأمر الأول: أنه وُكِّل في البيع دون قبْضِ الثمن، وقَبْضُ الثمن ليس من مقتضى البيع.

الثاني: أنه قد يرضى مَن يبيع له، ولا يرضى أن يقبض الثمن؛ لأنه غير أمين عليه عند الموكل، فلهذا قالوا: إنه يملك تسليم المبيع، ولا يملك تسلُّم الثمن؛ لهذين الوجهين.

لكن المؤلف يقول: (بغير قرينة) يعني: فإن وُجد قرينة فإنه يقبض الثمن وجوبًا.

القرينة: مثل أن يبيعه على رجل لا يُعرف، رجل في البلد غريب باع عليه السلعة، إذا لم يقبض الثمن منه فإنه سوف أيش؟ سوف يضيع، فهنا القرينة تدل على أنه يقبضه.

وكذلك أيضًا: لو باعه على من عُرِف بالمماطلة، فهنا يقبض الثمن أو لا يقبض؟

طالب: يقبضه.

الشيخ: يقبضه؛ لأنه من مصلحة الموكل.

فإن قال قائل: لماذا لا تمنعونه -من الأصل- أن يبيع على غريب، أو على مماطل؟

قلنا: لأنه قد تقتضي المصلحة أو زيادة الثمن أن يبيع على أيش؟ الغريب والمماطل، وإذا كان سيُسلَّم له الثمن فلا ضرر.

وإذا أَذِن له، أي: أذن الموكلُ للوكيل أن يقبض الثمن، فهل يقبضه؟

طالب: نعم.

الشيخ: أي معلوم من باب أولى.

وإذا قال: لا تقبض الثمن. فهل يقبضه ولو وُجِد قرينة؟ لا؛ لأنه نهاه قال: لا تقبض الثمن.

لكن إذا قال قائل: إذا نهاه أن يقبض الثمن، فمن المعلوم أن الموكِّل ليس غبيًّا، بحيث لا يأذن له إذا دلت القرينة على أنه يقبضه.

<<  <  ج: ص:  >  >>