للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأول: معرفة المنفعة؛ أي: أن تكون المنفعة معلومة للطرفين؛ المؤجر والمستأجر، وضد ذلك المجهولة، فما هو الدليل على هذا الشرط؟ الدليل على ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر (٥). والإجارة بيع، لكنه بيع للمنافع، فلا بد من معرفة المنفعة؛ إما بالعرف وإما بالشرع؛ ولهذا قال: (كسكنى دار وخدمة آدمي وتعليم علم).

أما سكنى الدار وخدمة الآدمي فقد سبق الكلام عليها.

وأما تعليم العلم بأن يستأجر شخصًا يعلمه بابًا من أبواب العلم؛ استأجر شخصًا يعلمه باب الطهارة، استأجر شخصًا يعلمه باب الإجارة، يجوز، لكن لا بد أن يحدد ما هو العلم؟

فإن قال قائل: علم المنفعة هنا قد يكون متعذرًا؛ لأنك لا تدري متى يتعلم هذا الرجل؛ من الناس من يكون سريع الفهم سريع الحفظ بطيء النسيان، هذا يتعلم بسرعة، ومن الناس من هو على عكس ذلك، تُعلِّمه عدة مرات وتبين له وتشرح له وعلى السبورة وفي كل مكان أو في كل مكان يمكن أن يفهم منه، ومع ذلك لا يفهم، أليس كذلك؟

الطلبة: بلى.

الشيخ: إذن كيف تصح الإجارة على تعليم العلم؟

نقول: هذا مما يُتَسامح فيه، ويحمل على الوسط من الناس، لا على سريع الفهم والحفظ وعدم النسيان، ولا على البطيء، يحمل على العادي.

وقوله: (تعليم علم) لا تظنوا أنه على إطلاقه؛ لأنه سيأتينا أن العلوم المحرمة لا يجوز تعليمها ولا الاستئجار لتعلمها.

كذلك أيضًا ليس على إطلاقه؛ لأن من أفضل العلوم القرآن، وقد ذكر الفقهاء رحمهم الله أنه لا يصح الاستئجار لتعليم القرآن؛ لأن تعليم القرآن عبادة كما جاء في الحديث: «خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ» (٦)، ولا يجوز أخذ الأجرة على العبادة، وعلى هذا فيجب أن نعرف أن نقيد العلم هنا بأيش؟ بما ليس بمحرم، وقيد آخر: ألَّا يكون تعليم القرآن.

<<  <  ج: ص:  >  >>