للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما الأول فنعم، يُشْتَرط في العلم ألَّا يكون محرمًا، فلو استأجره لأن يعلمه علمًا محرمًا -كعلم النجوم مثلًا، وأقصد بذلك علم التأثير لا علم التسيير- فهنا الأجرة حرام.

ولو استأجره ليعلمه القرآن فهو أيضًا حرام على المذهب، والراجح أنه ليس بحرام، وأنه يجوز أن يستأجر الإنسان لتعليم القرآن، ويدل لذلك أمران:

الأمر الأول: قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «إِنَّ خَيْرَ مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا -أَوْ أَحَقَّ- مَا أَخَذْتُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا كِتَابُ اللَّهِ» (٧)، وهذا صريح.

ثانيًا: أن الرسول عليه الصلاة والسلام أجاز أخذ الجعل على الرقية في حديث اللديغ (٨).

والثالث أيضًا من الأدلة: أن النبي صلى الله عليه وسلم زوج المرأة رجلًا ليس عنده صداق بما معه من القرآن ليعلمها (٩)، فجعله عوضًا.

وعلى هذا فنقول: إن القول الراجح أنه يجوز استئجار الإنسان لتعليم القرآن.

فإذا قال قائل: كيف تجيزونه وهو قربى؟

قلنا: نعم، نجيزه وهو قربى؛ لأن إجازتنا إياه من أجل انتفاع المستأجر؛ من أجل انتفاعه؛ ولهذا لو أننا استأجرنا شخصًا ليقرأ القرآن فقط لكانت الإجارة حرامًا لا تصح.

أما التعليم بيتعب المعلم ويلقن هذا الجاهل حتى يعرف، وسيعيد عليه ما حفظ من القرآن بالتعاهد، ففيه عمل؛ عمل مباح لشخص آخر.

إذن القول الراجح أنه تجوز الأجرة على تعليم القرآن، وذكرنا لكم ثلاثة أدلة؛ منها دليل لفظي ودليل عملي.

الثاني: معرفة الأجرة؛ يعني: أن تكون الأجرة معلومة، ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عن بيع الغرر (٥)، والإجارة نوع من البيع، والأجرة إذا لم تكن معلومة كانت غررًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>