كما قال العلماء رحمهم الله: إنه يجوز أن يُضحي من مال اليتيم لليتيم؛ لأن اليتيم يفرح بالأضحية، فهنا أعار متاعه لمصلحته؛ لأن بعض الشباب المراهقين يحبون أن يحسنوا إلى الناس فتجدهم يتفانون في خدمة الناس، وفي نفعهم، وفي إعارتهم، يفرحون بهذا، فإذا كان هذا الولي لليتيم يرى أن من إدخال السرور على اليتيم أن يُعير شيئًا من ماله بإذنه فلا بأس.
قال:(وتُباح إعارة كل ذي نفع مباح)(تُباح إعارة) لم يبين المؤلف رحمه الله حُكم العارية بالنسبة للمعير أو للمستعير، وإنما بَيَّنَ حُكم المعار، فنقول: العارية بالنسبة للمستعير جائزة، ولا تُعدُّ من السؤال المذموم لجريان العادة بها، فيجوز للإنسان أن يستعير من أخيه قلمًا، أو ساعة، أو سيارة، أو إناء، أو ما أشبه ذلك، هذا بالنسبة لمن؟ للمستعير.
أما بالنسبة للمعير فإنها سُنَّة على الأصل، وقد تجب أحيانًا، فهي سنة لدخولها في عموم قول الله تبارك وتعالى:{وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}[البقرة: ١٩٥]، وهي إحسان بلا شك فتدخل في عموم الآية، وقد تجب أحيانًا، كإعارة شخص رداء يدفع به ضرر البَرْد، فهذه واجبة، فلو طلب منك شخص في برْد شديد أن تُعطيه رداءً يلتحف به وجب عليك أن تقبل، ومن ذلك عند كثير من العلماء إعارة المصاحف؛ لأن المصحف يجب أن يُبذل لمن أراد أن يتعلم به.
ومن ذلك أيضًا إعارة الكتب التي يحتاج إليها الناس فتجب إعارتها، لكن يُشترط في ذلك ضرورة المستعير، وعدم تضرُّر المعِير، فلو قال المعير فيمن طلب منه استعارة مصحف، لو قال: إني لو أعطيت هذا الرجل مصحفًا لأفسده، فإنه لا يجب عليه الإعارة، وكذلك لو قال: إن أعطيته الكتاب أفسده فلا تجب الإعارة؛ لأن فيها ضررًا على مَنْ؟ على المعير.