يقول:(يوم تلفت) أي: في وقت التلف لا في وقت التضمين ولا في وقت الإعارة؛ لأن لدينا ثلاثة أزمان: زمن الإعارة، وزمن التلف، وزمن التقويم، المعتبر زمن التلف؛ لأنه هو الذي خرج ملك صاحبها عنها فيه؛ أي: في وقت التلف.
مثال ذلك: رجل استعار إناء في واحد مُحرَّم، وتلف يوم الخامس عشر من محرم، وضمنه المعير يوم الثلاثين من محرم قيمة الإناء حين الاستعارة عشرة، وقيمته حين التلف عشرون، وقيمته حين المطالبة ثلاثون، فبأيها يلزم؟
طلبة: عشرين.
الشيخ: يلزم بالعشرين الذي هو يوم التلف، والعلة واضحة؛ لأن العارية قبل تلفها على ملك صاحبها، فإذا تلفت زال ملكه عنها، فصار هذا هو وقت التقويم.
وقوله:(ولو شَرط نفي ضمانها) يعني: أن المستعير يضمن العارية، ولو شرط على صاحبها ألا يضمنها، وهذه إشارة خلاف؛ فإن العلماء اختلفوا رحمهم الله في العارية؛ هل هي مضمونة، سواء شَرَط ضمانها أو شرط نفيه أو سكت، أو هي غير مضمونة.
الفقهاء رحمهم الله يرون أنها مضمونة بكل حال، حتى لو شرط المستعير أنه لا ضمان عليه إذا تلفت فإن هذا الشرط لاغٍ، لماذا؟
لأنه ينافي مقتضى العقد؛ إذ مقتضى العقد الضمان مطلقًا، وكل شرط ينافي مقتضى العقد فإنه شرط لاغٍ، وقد مر علينا هذا الضابط في باب الشروط في البيع.
مثال ذلك: إنسان استعار من شخص عشرين فنجانًا، والفنجان من الزجاج يمكن ينكسر، فقال المستعير: لا ضمان عليَّ إن تكسرت الفناجين، فوافق المعير، قال: لا ضمان عليك. لكنها تكسرت، أيضمن؟ نعم، يضمن عند الفقهاء رحمهم الله، يضمن ولو كان قد شرط ألا يضمن ورضي بذلك المالك؛ لأن هذا الشرط -على كلامهم- مخالف لمقتضى العقد، فيكون داخلًا فيما أبطله النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:«كُلُّ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ مِئَةَ شَرْطٍ»(٨).