على كل حال الآن يحرم على المستعير الأول أن يعيرها فإن فعل فعليه ضمان المنفعة من حين الإعارة سواء تلفت أو بقيت، لأنها إن بقيت أخذت من المستعير الثاني وردت للمعير الأول ما فيه إشكال، لكن أجرتها -من حين أعارها المستعير الأول إلى أن ردها إلى صاحبها- على المستعير الأول، لكن المؤلف ذكر:(إذا تلفت) يعني: جعل المسألة أو الصورة مفروضة فيما إذا تلفت؛ لأجل أن يفرق بين ضمان المنفعة وضمان العين، إذا تلفت عند الثاني، كيف الضمان؟ على الثاني ضمان العين، وعلى المعير الأول ضمان المنفعة من متى؟ من وقت أن أعارها للثاني حتى تلفت.
إذا لم تتلف ترد إلى صاحبها إلى المعير الأول، ويضمن المستعير الأول أجرتها مدة بقائها عند الثاني.
لماذا لم يضمن الثاني، نقول الثاني لا يخلو إما أن يكون عالمًا بأن هذه العين معارة أو لا يعلم، إن كان لا يعلم فلا وجه لتضمينه، لأنه يقول: أنا استعرت من هذا الشخص هذا الإناء ولم أعلم أن عنده عارية، هذا لا وجه لتضمينه ولا يمكن أن نضمنه، السبب؟ الجهل، ما يدري، وإن كان عالمًا قلنا لصاحبها -للمعير الأول-: أنت بالخيار الآن؛ إن شئت ضمِّنْ المستعير الأول، وإن شئت ضمِّنْ المستعير الثاني، لكن القرار على المستعير الثاني، يعني: لو ضُمِّن الأول رجع للمستعير الثاني، لأنها تلفت بيده في حال يعمل أن بقاءها في يده محرم ( ... ).
طالب: يعني: من العدل أنه ما دام انتفع بهذه العارية أن يردها لصاحبها كما أخذها.
الشيخ: صحيح، ومن الظلم أن نضمنه إياها وقد حصلت بيده بإذنه فهو قائم مقامه في الاستيلاء على هذا، والمعير قد حصَّل ما هو أفضل من قيمتها وهو أجر الإحسان، ثم هذه يد أمينة كيف نجعلها مثل يد الغاصب، الآن كلام الفقهاء رحمهم الله يرونه أنه كالغاصب تمامًا إلا في مسألة الانتفاع، بعيد هذا.