نقول: يستقر على الثاني إن كان عالمًا بأن المستعير الأول قد أعارها بدون إذن من مالكها، فقرار الضمان عليه؛ لأنه متعدٍّ، وإن كان لا يعلم فإذا ضمنه المالك يرجع على المستعير الأول الذي أعاره؛ لأن الرجل جاهل، والأصل في تصرف الإنسان أنه يتصرف في ملكه، فقرار الضمان على الأول؛ زيد استعار من عمرو سيارة، ثم أعارها خالدًا، فتلفت السيارة من مالكها عمرو. الآن نقول لعمرو: ضمن المنفعة زيدًا من حين أعارها إلى خالد، وضمن خالدًا السيارة؛ لأنها تلفت تحت يده، وإن شئت فضمنها زيدًا؛ لأن لك أن تضمن هذا أو هذا، بقي علينا قيمة السيارة التي ضمنها خالد، هل يرجع بها على زيد، أو لا يرجع؟
نقول: إن كان عالمًا بأن السيارة عارية، وأنه لم يؤذن لزيد بإعارتها فقرار الضمان عليه؛ لأن يده يد غاصب، وإن كان لا يعلم فقرار الضمان على زيد، واضح؟
التعليل واضح؛ لأنه إذا كان يعلم أن المستعير الأول وهو زيد في المثال لم يؤذن له فقد أخذ مالًا بغير حق، وإن كان لا يعلم فهو معذور، ولذلك نقول: يكون قرار الضمان على المستعير الأول.
والخلاصة أن صاحب العارية المالك له أن يُضَمِّن المستعير الأول أو المستعير الثاني، وتضمين العين على المستعير الثاني، تضمين المنفعة على المستعير الأول.
فعلى مَنْ يكون قرار الضمان في مسألة العين إذا ضمن أيهما شاء؟
نقول: إذا كان المستعير الثاني عالمًا بأنها عارية لم يأذن صاحبها بإعارتها فقرار الضمان عليه، وإذا كان لا يعلم فقرار الضمان على المستعير الأول هذا معنى كلام المؤلف؛ قال:(ويضمن أيهما شاء).