كذلك لو أُودِع دراهم فاستقرضها فإنه يضمن، حتى وإن احتاج فإنه يضمن؛ لأنه ليس له الحق في أن يستقرضها، أو يتصرف فيها بأي شيء، حتى لو باع أو اشترى فهو ضامن.
يقول رحمه الله:(أو دراهم فأخرجها من مَحْرَز ثم ردها)، وعُلِم من قوله:(من محرز) أنه لو لم يخرجها من المحرز لكن غَيَّر مكانها، مثل أن تكون في الرفِّ الأعلى من الصندوق، فجعلها في الرف الذي تحته، أو كانت في الرفِّ الأدنى فجعلها في الرفِّ الذي فوقه والصندوق واحد، فهنا لا شك أنه غيَّر مكانها، ولكن لم يخرجها من المحرز فلا ضمان عليه.
وقوله:(ثم ردها) يعني: فيضمن ولو أُخذت من الحرز، لكن لو رأى المصلحة في شراء سلعة، فأخرج الوديعة فاشترى السلعة لصاحبها -لصاحب الوديعة- من أجل ما يرجوه من الكسب فإنه يضمن؛ لأنه غير مأذون له بذلك، اللهم إلا إذا كان قد قال له صاحبُها: إن رأيت مصلحة في بيع أو شراء أو غير ذلك فتصرفْ. فيكون حينئذ غير ضامن.
(أو رفع الخَتْم ونحوَه فإنه يضمن): إذا رفع الختم فإنه يضمن حتى لو أعاد الختم مرة أخرى، والختْمُ ما جرت به العادة فيما سبق أنهم يضعون الدراهم في كيس، ثم يعقدونها بالخيوط، ثم يضربون على طرف الخيط يضربون شمعًا يُذاب في النار، ويُصَبُّ على طرف الخيط، ثم يُختَم عليه بالخاتم؛ لأجل ألا يعبث بها أحد.
فهذا إنسان رفع الختم ولكنه لم يَحُلَّها، فإنه يضمن، لماذا؟ لأن الختم لا شك أنه أقوى مما لو كانت خالية منه، فإذا رفعه فقد أخلَّ بحرزِها فيكون ضامنًا.
وقوله:(أو نحوه) كالقفل مثلًا، لو أنه رفع قفل الصندوق -ولو أعاده- فعليه الضمان، إلا إذا كان الصندوق ليس خاصًّا بالوديعة، مثل أن يكون هذا الصندوق فيه دراهم له، أو لغيره وليست دراهم المودِع، ثم صار يفتح هذا الصندوق ليخرج النفقة منه لنفسه، فإنه لا ضمان عليه؛ لأنه لم يتعدَّ ولم يفرط.