هذه في مسائل الاختلافات في الوديعة، والاختلافات كلها في الواقع كل ما ذكر العلماء من الاختلافات ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في كلمتين فقال:«الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ»(١)، فجميع ما ذكره المؤلفون رحمهم الله في الاختلافات ومن يُقْبَل قوله ومن لا يُقْبَل، كله يعود إلى هذا الحديث، لكن لا بأس بالتفصيل.
يقول:(يُقْبَل قول المودع في ردها إلى ربها أو غيره بإذنه وتلفِها وعدمِ التفريط) سبق الكلام على بعض هذه الجملة، أليس كذلك؟
وقوله:(وعدم التفريط) أيضًا يُقْبَل قول المودع في عدم التفريط؛ يعني: إذا ادعى المودِع على المودَع أنه مفرط، وقال المودَع: لم أفرط، فإن أبهم التفريط أو ما ادُّعِيَ أنه تفريط فيُقْبَل قول المودَع؛ لأنه محسن، وإن لم يبهم بأن عين فيُعْرَض على أهل الخبرة؛ فإذا قالوا: إنه تفريط فهو تفريط، وإذا قال: إنه غير تفريط فإنه ليس بتفريط.
هذا التفصيل هو القول الراجح، وإن كان ظاهر كلام المؤلف أن قول المودَع مقبول في عدم التفريط مطلقًا، ولكن هذا فيه نظر.
فإذا قال قائل: إذا قُدِّر أنه عين العمل الذي اختلف فيه المودِع والمودَع هل هو تفريط أو لا؟ وقال المودَع: هذا في نظري أنه غير تفريط، فيقال: كون أهل الخبرة يقولون: إنه تفريط وأنت تعتقد أنه ليس بتفريط يدل على أنك غير فاهم، والمعاملات بين الخلق لا يُعْذَر فيها بالجهل، فكان الواجب عليك أن تسأل أولًا: هل هذا تفريط أو ليس بتفريط؟