مثال ذلك: جحد يوم الخميس، وأقيمت الدعوى عليه يوم الجمعة، وثبتت الوديعة، وهو ادعى أنها تلفت يوم الأربعاء قبل جحدها، هو الآن جحد متى؟ يوم الخميس، وأقيمت الدعوى يوم الجمعة، ثم ادعى أنها تلفت يوم الأربعاء، فهنا لا تُقْبَل دعواه التلف، لماذا؟ لأنه يوم الخميس أنكر الوديعة، فيكون دعواه أنها تلفت يوم الأربعاء تُكَذِّب قوله؛ إذ يلزم التناقض.
الرجل أنكر الوديعة يوم الخميس، وأقيمت الدعوى عليه يوم الجمعة وثبتت عليه ببينة، ثم قال: إنها تلفت يوم الأربعاء، فهنا لا يُقْبَل قوله، لماذا لا يُقْبَل؟ لأن هو نفسه الآن كَذَّب نفسه؛ هو أنكر يوم الخميس قال: أبدًا، ما عندي وديعة، ولما ثبتت قال: هذه تلفت يوم الأربعاء، طيب كيف تلفت يوم الأربعاء وأنت يوم الخميس تقول: ما عندي لك وديعة؟ ! أفهمتم الآن؟
طلبة: نعم.
الشيخ: طيب، دعواه التلف لا يُقْبَل، دعواه الرد لا يُقْبَل؛ لأنه بإنكاره صار أمينًا أو خائنًا؟
طلبة: خائنًا.
الشيخ: صار خائنًا فلا يُقْبَل قوله؛ لا في الرد ولا في التلف، يلزمه الضمان.
لو أقام بينة على أنها تلفت يوم الأربعاء، أقام بينة شهود، قال: نشهد أن الوديعة الفلانية أنها تلفت يوم الأربعاء، هل يُقْبَل أو لا يُقْبَل؟
طلبة: لا يُقْبَل.
طلبة آخرون: يُقْبَل.
الشيخ: إي، لا، ما يُقبل.
استمع يقول:(لم يُقبلا ولو ببينة) يعني: (لم يُقبلا) أي: الرد والتلف، (ولو ببينة) حتى لو جاء بشهود قالوا: نشهد أن وديعة فلان تلفت يوم الأربعاء فإنها لا تُقبل؛ لأنه نفسه هو مكذِّب للبينة؛ لأنه لما قال يوم الخميس: أبدًا، ما أودعتني، ما صار وديعة، فيكون مكذِّبًا للبينة.
وأشار المؤلف رحمه الله بقوله:(ولو ببينة) إلى خلاف في هذا؛ فإن بعض أهل العلم قال: إذا ثبت ببينة أنها تلفت، فيكون إنكاره كذبًا وتصدق البينة، المذهب يقولون: تبين كذب البينة بقوله هو؛ يعني: هو أقر ضمنًا أن البينة كاذبة.