للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لكن بعض العلماء يقول: إذا قامت البينة فليعمل بها؛ لأنه تبين أنه هو أيش؟

طلبة: كاذب.

الشيخ: هو الكاذب، لكن في هذه الحال ينبغي للقاضي أن يُحكم عليه بالتعزير؛ لكذبه وخيانته، وإتعابه المودع بإقامة الدعوى، وإشغال القاضي، وإشغال الشهود، فهو مستحق للتعزير من عدة أوجه، ولئلا يتلاعب أحد غيره؛ إذا قيل: ليس عليك إلا ضمان الوديعة لا يهمه، لكن إذا أُدِّب صار ردعًا له.

ثم قال المؤلف: (بل في قوله: ما لك عندي شيء ونحوه) انتبه لتحرير العبارة، الرجل في يوم الخميس قيل له: إن عندك وديعة، قال: أبدًا، ما لك عندي شيء، وثبت بالبينة أن عنده وديعة، ثم ادعى التلف يوم الأربعاء؛ يعني: قبل الإنكار، وأقام بينة بذلك، فهل تُقبل أو لا تُقبل؟ تُقبل، سواء ببينة أو بغير بينة؛ لأن الرجل قال: (ما لك عندي شيء).

ومعلوم أن الوديعة إذا تلفت بلا تعدٍّ ولا تفريط لم يثبت على المودع شيء، فيكون في قوله: ما لك عندي شيء صادقًا، بخلاف ما لو قال: لم تودعني، والفرق ظاهر؛ إذا قال: لم تودعني فقد أنكر أصل الوديعة، أما إذا قال: ما لك عندي شيء فإن قوله مقبول حتى لو ثبتت ببينة فقوله مقبول، لماذا يا إخوان؟

طلبة: ( ... ).

الشيخ: لأنه لا يتنافى قوله وثبوت الوديعة، هو يقول: نعم، أنا قلت: ما لك عندي شيء؛ لأني لا فرطت ولا اعتديت، وإذا تلفت الوديعة بدون تعدٍّ ولا تفريط فليس علي شيء، أفهمتم؟

طلبة: نعم.

الشيخ: (أو بعده بها) يعني: أو ادعى التلف، (بعده) بعد الجحد، (بها) أي: بالبينة فإنه يُقبل إذا ادعى التلف بعد الجحد؛ لأن الذي لا يُقبل ولا ببينة إذا ادعى التلف قبل الجحد لتناقض الدعوى وقت التلف، لكن إذا ادعى بعده فهنا يُقبل ببينة، لماذا لا يُقبل مطلقًا؟ لأنه مودع، لأنه بجحوده زال عنه وصف الأمانة، فلا يُقبل قوله في التلف ولا في الرد إلا ببينة، واضح؟

طالب: ليس بواضح.

<<  <  ج: ص:  >  >>