الشيخ: لأن المودِع -ما هو بالمودَع- لأن المودِع لم يأتمن الورثة عليها، والورثة وجدوا مالًا لغيرهم غير مؤتمنين عليه، فيجب عليهم أن يبلغوه أو يردوها.
(وإن طلب أحد المودِعَيْن) ويجوز المودِعِينَ ونظيره في الحديث: «مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بَحَدِيثٍ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِِبَيْنِ -أو- الْكَاذِبِينَ»(٣)، هنا يجوز الجمع ويجوز التثنية.
(وإن طلب أحد المودِعَيْن نصيبَه من مكيل أو موزون ينقسمُ أَخَذَه) يعني: فيه مكيل -ولنقل: مئة صاع- مشتركة بين اثنين، أودعاها إلى زيدٍ، بعد مدة جاء أحدهما وقال: إنا أودعناك مئة صاع برٍّ، وأنا أريد نصيبي منه، وهو يعلم أن نصيبه النصف، أو الثلث، أو الربع، فهل يلزمه أن يدفعه له؟ يقول المؤلف: يلزمه؛ يُعْطَى إياها، ويبقى نصيب الآخر، المثال الآن لا يزال في أذهانكم؟
طلبة: نعم.
الشيخ: ما هو؟ مئة صاع برٍّ في كيس أودعها اثنان عند رجل، ثم جاء أحدهما بعد حين وقال: أعطني نصيبي منها، يلزمه أن يعطيه نصيبه؛ لأنه هنا ما فيه ضرر، وقد اتفق الطرفان على أن مئة الصاع هذه بينهما نصفين، فيعطيه نصفه، عللوا هذا بأنه ليس على شريكه الغائب الذي لم يطالب ضرر.
وقيل: لا يلزمه ما داما قد أودعاه إياها جميعًا فإنه لا يلزمه أن يسلم للشريك؛ لاحتمال أن هذا الشريك الذي طلب نصيبه قد باعه على شريكه، فيه احتمال.
وأيضًا ربما إذا أُخِذ نصيبه كاملًا ينقص نصيب الآخر؛ لأن الشيء إذا كيل ورُدَّد فإنه ينقص؛ ولهذا يقولون: كل شيء رددته فإنه ينقص إلا الكلام، صحيح هذا؟ كل شيء يتردد ينقص، املأ فنجالًا من الماء، ثم صبه في الفنجال الثاني، ثم في الثالث، والرابع، والخامس، تجده ينقص بلا شك، وكذلك أيضًا المكيل؛ مثلًا إذا قدرنا هذا الكيس مئة صاع وكِلْنا منه خمسين صاع وافية فإن ذلك يؤدي إلى نقص خمسين الصاع الباقية.