للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وخياطة) يعني: خياطة ثوب، قال: مَن خاط لي ثوبًا فله كذا وكذا، والثوب من الرجل ما هو من العامل، قال: مَن خاط لي ثوبًا صفته كذا وكذا فله الأجر المعلوم فهو جائز، أما إذا كانت القطعة من العامل فهذه تسمى عند العلماء استصناع الصنعة أو السلعة، وفيها خلاف بين العلماء، والصحيح أنها جائزة؛ لأنه يمكن ضبطها بالوصف، أفهمتم؟ يعني لو أتيت بالقماش إلى الخياط وقلت: خذ، خِطْ هذا القماش لي ثوبًا، هذا جائز، والعامل ويش وظيفته؟ العمل، الصنعة، لكن لو جئت إلى الخياط وقلت: أنا أريد ثوبًا صفته كذا وكذا اصنعه لي، هذا يسمى عند العلماء استصناع السلعة، وفيه خلاف؛ بعضهم يقول: لا يجوز؛ لأن هذا ليس بسَلَم؛ إذ السَّلَم لا بد فيه من التأجيل، وليس معيَّنًا؛ لأنه في الذمة الآن، والوصف قد لا يحيط به، ولكن الصحيح أنه جائز، وعمل الناس عليه قديمًا وحديثًا.

(فمن فعله بعد)، عندى أنا: (بعد عمله) والصواب: (بعد علمه بقوله استحقه)، استحق أيش؟ استحق الْجُعْل.

سمع رجل آخر يقول: مَن رَدّ بعيري فله مئة ريال، فبادر، وخرج، وطلبه فجاء به، يستحق العِوَض؛ لأنه عمل أيش؟ بعد أن علم، فأما لو وجد الضالة، الرجل وجد الضالة، ثم جاء بها إلى صاحبها، فإنه لا يستحق شيئًا؛ لأن المؤلف اشترط أن يكون بعد العلم؛ ووجه ذلك أن الثاني لم يعمل لك؛ لأنه لم يعلم أنك وضعتَ جُعْلًا، وما يفعله بعض الناس اليوم فهو من باب الإكرام فقط.

بعض الناس إذا وجد شيئًا وأتى به إلى صاحبه قال: أريد منك الحفاظ، يعني أني حفظته لك، ولا سيما إذا كان ثمينًا كالحلي، والساعات الغالية والأقلام الغالية، يقول: أريد الحفاظ، فيقول صاحب المال: ليس لك عليّ شيء؛ لأني لم أجعل جُعْلًا، أو لأني جعلت جُعْلًا ولم تعلم به أنت، فهل له أن يمنع ولا يعطيه أو لا؟ نقول: نعم، له أن يمنع؛ لأنه ليس بينه وبينه عقد، لكن من المروءة إذا كان الشيء ثمينًا أن تعطيه ما يطيب به قلبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>