للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الثاني: جائز من الطرفين، الجائز من الطرفين هو الذي لا يُلْزِم أحدُهما الآخر به، كالوكالة مثلًا، الوكالة جائز من الطرفين، يعني: لو وَكَّلْتَ شخصًا أن يشتري لك حاجة ثم فسخت الوكالة فلا حرج، أو هو نفسه فسخ الوكالة، أتى إليك وقال: لا أريد أن أتَوَكَّل في شراء هذا الشيء؛ لأني فَكَّرْت أنه سيكون عليّ مشقة في ذلك أيجوز أو لا يجوز؟

طلبة: يجوز.

الشيخ: يجوز، لكن بعض العلماء قَيَّد العقود الجائزة بأنها جائزة ما لم تَضَمَّن ضررًا على الآخر، فإن تضمنت ضررًا على الآخر ضمن الضرر.

مثال ذلك: وَكَّلْتَ شخصًا يبيع لك حاجة في الموسم، والعادة أن السلع في المواسم أيش؟

طلبة: ترتفع.

الشيخ: تزيد قيمتها، أخذ السلعة على أنه سيبيعها، ولكنه فسخ الوكالة، عند حلول الموسم فسخ الوكالة والْمُوَكِّل لم يعلم، فهنا نقول؟

طلبة: يضمن.

الشيخ: يضمن ما ترتب على فسخ هذه الوكالة، كذلك أيضًا لو أخبر الْمُوَكِّل بأنه فسخ الوكالة، لكن في وقت لا يتمكن الموكِّل من توكيل آخر فهو ضامن، والعقد لا يثبت.

فإذا قال قائل: كيف تجعلون ما جعله الشارع جائزًا تجعلونه لازمًا؟

قلنا: لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» (٢)، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ وَيَدْخُلَ الْجَنَّةَ فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ مَا يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ» (٣).

ومعلوم أن أحدًا لو فعل بهذا الوكيل ما فعل الوكيل بالموكِّل ما رضي، فيكون هذا منافيًا لتمام الإيمان.

<<  <  ج: ص:  >  >>