للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لننظر الآن بناءً على هذه القاعدة كلام المؤلف: (تُكْرَه مباشرتُها) أي: مباشرة الضَّبَّة المباحة (لغير حاجة)، فإن احتاج إليها بأن كان الإناء يتدفق لو لم يشرب من هذه الجهة، احتاج أن يشرب من هذه الجهة، أو مثلًا هو جاء بالإناء وجعله على النار، لأجل يسخن، وصارت الجهة اللي ما فيها الضبة حارة ما يستطيع، وشرب من الجهة عند الجهة الباردة اللي فيها الضبة، هذه حاجة ولا لا؟ يشرب، ولا كراهة.

فإن لم يحتج فكلام المؤلف صريح في أنه مكروه، ولكن الصواب: أنه ليس بمكروه، وأنه يجوز أن يُباشِرَها؛ لماذا؟ لأن الكراهة حكم شرعي يحتاج في إثباته إلى دليل، وما دام قد ثبت أن هذه الضَّبَّة مباحة بمقتضى النص؛ حديث أنس: أن قدح النبيِّ عليه الصلاة والسلام انكسر، فاتَّخَذَ مكان الشَّعْب سلسلة من فِضَّة (١٢) هذا مباح بمقتضى النص، فإذا كان مباحًا، فما الذي يجعل مباشرتُه مكروهةً؟

وهل ورد أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يَتَوقَّى هذه الجهة مِنْ قَدَحِهِ؟ لا، وحينئذ؛ فالصحيح أنه لا كراهة؛ وذلك لأن هذا شيء مباح، ومباشرة المباح مباحة.

قال المؤلف رحمه الله: (وَتُباحُ آنيةُ الكفار -ولو لم تَحِلَّ ذبائحُهم- وثيابُهم).

أولًا: (آنية) بالرفع على أنها نائب فاعل.

(ولو لم تَحِلَّ ذبائحُهم)، ذبائح؛ بالرفع على أنها فاعل.

(وثيابهم)، بالرفع على أنها معطوفة على (ذبائحهم)؛ لأنها أقرب مذكور، أو على (آنية)؟ على آنية؛ يعني: وتباح ثيابهم؛ ولهذا لو قال المؤلف رحمه الله: (وتباح آنية الكفار وثيابهم إن جُهِلَ حالُها) ولو لم تَحِلَّ ذبائحُهم لكان أسلم من هذا الاشتباه الذي قد يشتبه على بعض الناس.

والمهم أن قوله: (آنيةُ الكفار) نائب فاعل، (وثيابُهم) معطوف عليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>