للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مباشرة الضَّبَّة اليسيرة تُكْره لغير الحاجة؛ فإن احتاج إلى ذلك فلا، ما معنى مباشرتها؟ معنى مباشرتها أن الإنسان إذا أراد أن يشرب من هذا الإناء المضبَّب شرب من عند الضبة، فيباشرها بشفتيه، هذا معناه، هذا معنى قوله: (تُكْرَه مباشرتُها) مع أنها هي حلال ولا حرام؟ هي حلال، لكن يقول: لا يُبَاشِر هذه الفضة، يكره.

والمكروه عند الفقهاء: هو ما نُهِيَ عنه لا على سبيل الإلزام بالترك، وحكمه: أنه يثاب تاركُه امتثالًا، ولا يعاقَب فاعله، بخلاف الحرام؛ الحرام فاعله يستحق العقوبة، لكن المكروه لا يستحق، وهذا في اصطلاح الفقهاء رحمهم الله.

أما في القرآن والسُّنَّة؛ فإن المكروه يأتي للمحرم؛ ولهذا لما عدَّدَ الله -عز وجل- أشياء محرمة في (سورة الإسراء) قال: {كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا} [الإسراء: ٣٨]. وفي قراءة {سَيِّئَةً عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا}؛ فيكون المكروه في القرآن والسُّنَّة غير هذا؛ غير المكروه عند الفقهاء.

كذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام: «إِنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ قِيلَ وَقَالَ، وَكَثْرَةَ السُّؤالِ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ» (١١)، وهذا حرام.

وعلى هذا فنقول: المكروه عند الفقهاء تعريفه: ما نُهِيَ عنه لا على سبيل الإلزام بالترك، حكمه يثاب تاركُه امتثالًا، ولا يعاقَب فاعلُه.

إذن هو حكم شرعي، الكراهة حكم شرعي، لا يمكن لأحد أن يُثْبِتَها إلا بدليل، فمن أثبتها بغير دليل، فإننا نَرُدُّ قولَه، كما لو أَثْبَتَ التَّحْريمَ بلا دليل، فإننا نردُّ قولَه.

<<  <  ج: ص:  >  >>