للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلو عمل العامل وأنهى العمل وقال: أريد جُعْلًا، قلنا: لا بد أن نسأل، إذا وافق الجاعل فلك ما ادعيت، إذا لم يوافق فالأصل عدم الجعالة، كذلك إذا اختلفوا في القَدْر، فقال الجاعل: القدر مئة، وقال العامل: القدر مئتان، فالقول قول الجاعل؛ لأنه غارم.

فمثلًا إذا قال العامل: إنها مئتان، وقال الجاعل: إنها مئة، فقد اتفقا على مئة، وبقيت المئة الزائدة مُدَّعًى بها، وقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي» (٦)، ولهذا أخذ العلماء من هذا الحديث قاعدة: أن القول قول الغارم.

لكن في هذا أيضًا تفصيل؛ إذا اختلفَا في القدر وادَّعَى الجاعل قدرًا لا يمكن أن يُقَام العمل بمثله، وادَّعَى العامل قدرًا يمكن أن يقام بمثله، فهنا نقول: إن دعوى الجاعل دعوى تُكَذِّبُها العادة والعرف، فلا يُقْبَل قوله، ويُقْبَل قول العامل.

ولو ادعى العامل شيئًا كثيرًا فإنه لا يُقْبَل؛ لأنه ادَّعَى ما يخالف العادة، ولأنه ادعى على الغارم ما لم يعترف به، يقبل قول الجاعل.

ثم قال: (ومن رد لُقَطَةً أو ضالة، أو عمل لغيره عملًا بغير جُعْل لم يستحق عِوَضًا إلا دينارًا أو اثني عشر درهمًا عن رد الآبق، ويرجع بنفقته أيضًا).

(من رد لقطة) يعني: ما سوى الحيوان، يعني الضائع الذي ليس بحيوان، هذه اللقطة، أتى بها لصاحبها.

(أو ضالَّة)، وهي الضائع من الحيوان، والفرق بين الضالة، أن الضالة يعني أن لها إرادة، تعرف، ولكن تضل، اللُّقَطَة ليس لها إرادة، فعليه نقول: مَن رَدَّ لُقَطَة، أي: ضائعًا غير حيوان، أو ضالة، أي: أيش؟

طالب: من الحيوان.

<<  <  ج: ص:  >  >>