للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشيخ: أي: ضائعًا من الحيوان، فإن له أجرًا عند الله، وعلى هذا فإذا وجد لُقَطَة باهظة الثمن، وقال لصاحبها: أَعْطِنِي ما يسميه العوام إحفاظة، فإنه لا يلزمه أن يعطيه، ويُجْبَر الواجد على تسليمها لصاحبها مجانًا، إلا إذا كان قد جعل جُعْلًا، بأن قال: مَن رَدَّ لُقَطَتِي فله كذا وكذا، فيعطى ما ذَكَر.

كذلك الضالة، إذا رَدَّ ضالة مما يباح التقاطه فإنه لا يستحق عِوَضًا، إلا إذا كان قد جُعِل.

وقوله: (بغير جُعل لم يستحق عِوَضًا)، وذلك لعدم وجود عقد بينه وبين المالك، فيقال: لك الأجر عند الله، أما أن تستحق عليّ شيئًا أن لم أقل لك: اذهب دَوِّر، ولم أجعل جُعْلًا لمن أتى بها.

استثنى المؤلف مسألة جاء بها النص: (إلا دينارًا أو اثني عشر درهمًا عن رد الآبق)، الدينار هو النقد من الذهب، والدرهم هو النقد من الفضة، وإذا تأملت التقدير في هذا وفي الديات وفي نصاب السرقة تبيَّن لك أنه في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام الدينار يساوي اثني عشر درهمًا؛ ولهذا تُقْطَع اليد بربع دينار أو بثلاثة دراهم، الديات ألف مثقال ذهبًا، أو اثنا عشر ألف درهم فضة، والدرهم مثقال.

نقول: (الآبق) هو العبد الذي شَرَدَ عن مالكه، هذا إذا رَدَّه أحد فله دينار أو اثنا عشر درهمًا من الفضة.

الدليل: السنة؛ جعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لمن رَدَّ الآبق، والحكمة من هذا أن إباق العبد ليس بالأمر الهين؛ لأنه إذا أَبَقَ وكان أصله كافرًا فربما يرجع إلى أصله إلى بلاد الكفر، ويكون حربًا على المسلمين، أو إذا تُرِكَ وساح في الأرض فربما يحتاج ويُفْسِد في الأرض بالسرقات أو غيرها، فلذلك جعل الشارع لمن رَدَّهُ عِوَضًا، وإن لم يُظْهِر سيده ذلك العِوَض.

<<  <  ج: ص:  >  >>