للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كأن سائلًا يسأل: لماذا نقول ها الكلام؟ قال: لأن المساجد لم تُبنَ لهذا. وعليه فنقول: ينظر للمصلحة إذا كان من المصلحة أن يقول: لا ردَّها الله عليك؛ فإن المساجد لم تُبنَ لهذا فليقُلها، تطمينًا لنفسه وقلبه وبيانًا للعلة والحكمة وهذا أحسن؛ لأنك لو قلت: لا ردها الله عليك، وصِحْت به: لا ردها الله عليك سيكون في قلبه شيء، لكن إذا قلت: فإن المساجد لم تُبنَ لهذا؛ اطمأن.

قال: (وهو) أي اللقيط (مسلم) يعني يُحكَم بإسلامه، لأن الأصل أن كل مولود يولد على الفطرة، وهذا مالم يكن في بلد كفار، إن كان في بلد كفار؛ كرجل سافر إلى بلاد الكفر لتجارة أو زيارة أو علاج فوجد لقيطًا وأهل البلد كلهم كفارًا، والبلد بلد كفار، فهنا نحكم بكفره تبعًا للدار من وجه، وحُكمًا بالقرينة من وجه آخر تبعًا للدار؛ لأن الدار دار كفر؛ قرينة؛ لأن الغالب أن من كان في بلد كل أهله كفار أو غالبهم أنه منهم.

لكن إذا وُجِد في بلاد الإسلام، أو في بلد أكثر أهله إسلام فإنه يُحكَم بإسلامه، ويترتب على هذا -إذا حكمنا بإسلامه- أنه لو مات هذا الطفل قبل أن يبلغ فإننا نُغسِّله، ونُكفِّنه، ونُصلي عليه، وندفنه في مقابر المسلمين، ويرثه من يرثه من المسلمين، مثل إذا حكمنا بأن الميراث للاقط يرثه.

لكن سيأتي ذكر لمن يكون ميراثه.

قال: (وهو مسلم وحضانته لواجده الأمين) (حضانته) يعني ضمه وتربيته وكفالته (لواجده الأمين).

لكن اشترط المؤلف أن يكون أمينًا، فإذا كان الذي وجده امرأة والمرأة أمينة لا نخشى عليه لوجوده عندها فحضانته للمرأة، إذا كان رجلًا أمينًا فحضانته للرجل.

إذا كان غير أمين مثل أن يكون فاسقًا أو مشهورًا باستلاب الأموال فإنه لا حضانة له؛ لأن المقصودَ بالحضانة في كل أحوالها هو حفْظ المحضون والقيام بمصالحه، فإذا عرفنا أن الواجد ليس بأمين فلا له حضانة له.

<<  <  ج: ص:  >  >>