للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن قال: أخشى أن تغلبني نفسي على بيعه، فأوقفه على نفسي، فهنا تكون الفائدة؛ إذا كان الإنسان يخشى على نفسه أن يبيع بيته الذي أوقفه على نفسه وقال: إنما أوقفته على نفسي خوفًا من ذلك، نقول: نعم، هذه فائدة، لا شك أن لها وزنًا وقيمة.

ولذلك اختلف العلماء رحمهم الله هل يصح أن يقف الإنسان على نفسه أو لا؟ فالمذهب أنه لا يصح، والقول الثاني أنه يصح.

ولكن إذا وقفه على نفسه -على المذهب- فإن ذكر أحدًا بعد نفسه انتقل إلى هؤلاء في الحال؛ مثل أن يقول: هذا وقف على نفسي، ومن بعدي على أولاد فلان مثلًا، نقول: ينتقل في الحال إلى من؟ إلى أولاد فلان، ولا يصح أن يقف على نفسه.

أما إذا لم يذكر أحدًا بعده؛ بأن قال: وقفت هذا على نفسي، وسكت، فالوقف لا يصح، ويبقى ملكًا حرًّا غير وقف؛ لأن هذا الوقف لم يصح، ولم يُذْكَر له مآل يُصْرَف إليه، فيرجع إلى الواقف.

القول الثاني أنه يصح الوقف على النفس، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وجماعة من العلماء المحققين وقالوا: إن الوقف على النفس فيه فائدة، وهي أيش؟ الامتناع من بيعه، ولكن لو فعل هذا تحيلًا لإسقاط حق الغرماء؛ مثل أن يكون رجلًا مدينًا، فأوقف بيته على نفسه لئلا يباع في دينه، فالوقف هنا غير صحيح، حتى لو فُرِض أنه وقفه على غير نفسه حيلةً ألا يباع في الدين فإنه لا يصح الوقف.

وهذا هو القول الراجح؛ أن الإنسان الذي عليه دين يستغرق ماله فإنه إذا أوقف شيئًا من ماله لا يصح؛ لأن ماله الآن تعلق به حق الغرماء، ولأن وفاء الدين واجب والوقف سنة، ولا يمكن أن تقوى سُنة على إسقاط واجب.

المهم الآن نرجع إلى المسألة، الوقف على نفسه فيه قولان؛ القول الأول: لا يصح، وإذا قلنا: لا يصح ماذا نصنع بهذا الموقوف؟ نقول: إن ذكر بعده أحدًا صُرِف إلى من بعده، وإن لم يذكر أحدًا رجع إليه ملكًا؛ لأن الوقف لا يصح.

<<  <  ج: ص:  >  >>