والقول الثاني أنه يصح أن يهب المجهول؛ وذلك لأن الهبة عقد تبرع، والإنسان فيها إما غانم وإما سالم، فإذا وهبته شيئًا مجهولًا وقَبِل فلا ضرر عليه؛ لأنه إما أن يحصل على شيء يريده أو شيء لا يريده، إن حصل على شيء يريده فهذا هو المطلوب وإلا فلا ضرر عليه، فإذا قال: وهبتك ما في هذا الكيس من الدراهم على المذهب ما يجوز، ليش؟
طلبة: مجهول.
الشيخ: لأنه مجهول، القول الصحيح أنه يجوز.
فتحه ويظن أن فيه عشرة آلاف، وإذا فيه دفتر مفكرة، يجوز ولَّا ما يجوز؟
طلبة: يجوز.
الشيخ: تكون المفكرة له؟
طلبة: إي نعم.
الشيخ: المذهب لا تكون له، ليش؟ لأنها مجهولة، والقول الراجح أنها تكون له؛ لأن هذا الذي قبل الهدية ما عليه ضرر، إذا ظهرت المفكرة ما عليه ضرر. فإن لم يكن فيها شيء؟
طلبة:( ... ).
الشيخ: لا شيء فيها، ما عليه شيء، فالصواب أنه يصح أن يهب المجهول سواء تعذر علمه أم لم يتعذر.
ومما يتعذر علمه أن يختلط ماله بمال شخص على وجه لا يُدرَى عن كميته، ولا يتميز بعينه فيقول: وهبتُك مالي الذي اختلط في مالك، هذا مجهول، يتعذر علمه، فعلى المذهب يصح؛ لدعاء الضرورة لذلك.
قال:(وتنعقد بالإيجاب والقبول والمعاطاة الدالة عليها) تنعقد أي الهبة بالإيجاب، وهو اللفظ الصادر من الواهب والقبول وهو اللفظ الصادر من الموهوب له، فيقول: وهبتك هذا الكتاب، ويقول الثاني: قبلت، الأول أيش هو؟
طلبة: إيجاب.
الشيخ: والثاني؟
طلبة: قبول.
الشيخ: قبول.
وكذلك (بالمعاطاة الدالة عليها) أيضًا تنعقد بها، مثل أن يكون عند شخص وليمة دعوة، فأرسل إليه أخوه شاة ولم يقل شيئًا، أخذ الشاة وذبحها وقدَّمها للضيفان، تصح الهبة أو لا؟
طلبة: تصح.
الشيخ: تصح، ليش؟
طالب: المعطاة.
طالب آخر: دال عليه.
الشيخ: لأن هذا دال عليها، هو صديق، وأراد أن يساعدني فأرسل إليَّ الشاة، ولم يقل: هبة، يخشى إذا قال: هبة أن يكون فيها نوع من المنة فنقول: هذا يصح.