للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: طيب، إما أن يأخذ الزائد من الآخر، أو يضيف إلى الناقض، أو يرجع في الهبة جميعا؛ لأن الأب يجوز أن يرجع في الهبة.

قال المؤلف رحمه الله: (فإن مات قبله ثبتت) (إن مات قبله) أي: قبل التسوية، (ثبتت) أي: ثبتت العطية؛ يعني إذا مات الأب الذي فضل بعض الأولاد قبل أن يسوي ثبتت العطية.

فإذا أعطى أحدهم -مثلًا- عشرة آلاف ريال تبرعًا لا نفقة، ثم مات، فهذا العطاء يعتبر ملكًا للآخذ، ثبت؛ لأنه لم يتمكن من الرجوع، أو تمكن ولكنه فرط، والابن الذي فُضِّل ملكه ملكًا تامًّا. هذا المذهب، وهو قول ضعيف؛ لأنه لا يجوز أن نمكن هذا الابن من أخذ مال لا يجوز له أخذه.

ولكن هل للورثة الرجوع أو الهبة لم تصح من الأصل؟ فيها قولان؛ قيل: إن العطية لم تصح من الأصل، وقيل: إنها صحت لكن إذا مات وهو لم يسوِّ فللورثة الرجوع، ويجب على المفضل أن يردها في التركة.

والفرق بين القولين أننا إذا قلنا: إنها لم تصح من الأصل فإن ما حصل من نماء بين العطية والموت يكون لمن؟ للورثة؛ لأن العطية لم تصح أصلًا، وإذا قلنا بالصحة ولكن لهم الرجوع فما حصل من نماء منفصل فهو للموهوب له.

لكن على كل حال القول بأنها تثبت قول ضعيف، والصواب أنه يجب على المفضل أن يرد الزيادة في التركة أو تخصم من نصيبه.

فإن قال قائل: إذا كان أحدهم يحتاج إلى سيارة، والآخرون لا يحتاجون؛ لأن الأول مدرسته بعيدة، والآخرون مدرستهم قريبة لا يحتاجون للسيارة، فهل يجوز أن يشتري للذي يحتاج السيارة سيارة؛ لأنه يحتاجها؟

لا يجوز؛ لأنه إنما يحتاج للنفع فقط، للنفع؛ وهو ركوبها إلى المدرسة ورجوعه، وهذا يحصل بأن تكتب السيارة باسم الوالد ويبقى الانتفاع للولد، بحيث إذا مات الوالد ترجع هذه السيارة في التركة، ولا يجوز للإنسان أن يملِّك الولدَ السيارة؛ لأن المقصود هو دفع الحاجة، ودفع الحاجة يحصل بدون تمليك؛ يعني ربما يعطيه السيارة بستين ألفًا اليوم ويموت الأب غدًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>