للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلذلك نقول: هذه مسألة يجب التفطن لها؛ إذا كان أحد الأبناء يحتاج إلى سيارة والآخرون لا يحتاجون فإننا لا نعطي المحتاج السيارة باسم التملك ولكن تكون السيارة باسم الأب، وهذا يدفع حاجته بانتفاعه بها، وإذا مات الأب ترجع في التركة. إذن القول الراجح أنه إذا مات فإنها لا تثبت العطية، ويجب ردها في التركة.

قال: (ولا يجوز لواهب أن يرجع في هبته اللازمة إلا الأب) (لا يجوز لواهب) (واهب) نكرة في سياق النفي تعم كل واهب، ويدل على إرادة العموم الاستثناء في قوله: (إلا الأب)، وقد قال العلماء رحمهم الله: إن الاستثناء معيار العموم.

وقوله: (لواهب أن يرجع في هبته اللازمة) احترازًا من الهبة غير اللازمة، الهبة اللازمة هي المقبوضة، وغير اللازمة هي التي لم تقبض، فلو قال لشخص: وهبتك سيارتي الفلانية، وقال: قبلت، وبعد أن وهبها رجع، فالرجوع جائز وصحيح؛ لأنه لم يقبضها، والهبة لا تلزم إلا بالقبض.

فإذا قبضها وأراد الرجوع فإنه لا يملك ذلك، لا يحل له، ولا يملك أيضًا، حتى في مجلس الهبة لو أنه وهبه قلمه وهما في المجلس، وقال: رجعت، بعد أن قبضه الموهوب له فإنه لا يملك ذلك. لماذا؟ لأنها ثبتت ولزمت.

فإن قال قائل: أفلا يمكن أن نقيسها على البيع ونقول: ما داما في المجلس فللواهب الخيار؟

فالجواب: لا؛ لأن البيع عقد معاوضة يحتاج إلى تَرَوٍّ، والإنسان ربما يستعجل فيقدم على البيع دون تروٍّ، فجعل له الشارع مهلة ما دام في المجلس، أما هذا فهو عقد تبرع، نفس الواهب لا يريد عوضا، والموهوب له لم يؤخذ منه العوض، فلا يصح قياس الهبة على البيع. إذن تلزم بالقبض ولو في مجلس العقد، ولا يجوز أن يرجع في هبته اللازمة.

قال: (إلا الأب) فالأب له أن يرجع في هبته اللازمة.

فإن قال قائل: ما هو الدليل؟

<<  <  ج: ص:  >  >>