فالجواب: الدليل قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: «لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ، الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ»(١١)، «لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ» انتبه لهذه الجملة؛ لأنها مفيدة جدًّا في الذين يمثلون بأصوات الحيوان مثلًا فيقال:«لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ» هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم، فلا يجوز التمثيل بالحيوانات.
«لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ، الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ»(١١)، هذا مثل يراد به التقبيح والتنفير.
الكلب خسيس من أخس الحيوان وأقبح الحيوان وأنجس الحيوان، بل هو أنجس الحيوان فيما نعلم؛ لأنه هو الذي يجب أن تغسل نجاسته سبع مرات إحداها بالتراب (١٢).
«يَقِيءُ ثُمَّ يَرْجِعُ فِي قَيْئِهِ» فعل قبيح، هكذا الذي يهب ثم يرجع مَثَلُه مثل الكلب الذي قاء ثم رجع في قيئه.
حتى لو فُرِضَ أنه عندما رجع رضي الموهوب له ولم يبال، نقول: هذا حرام، ما يجوز، وإذا كان هذا حرامًا فينبغي للإنسان إذا وهب شيئًا ألَّا تتعلق به نفسه؛ لأن بعض الناس يهب الشيء؛ إما لطروء فرح بصاحبه، أو لعاطفة صارت جياشة في تلك الساعة ووهب له شيئًا ثم ندم، وقال: ليتني ما وهبته، هذا لا ينبغي؛ لأن شيئًا وهبته اجعله عن طيب نفس ولا تعلق نفسك به، خرج عنك قدرًا ويش؟
طالب: وشرعًا.
الشيخ: وشرعًا، كيف تعلق نفسك مع أنه لا يمكن أن تعود؟ فلا يجوز له أن يعود في هبته.
فإن قال قائل: هل يجوز أن يشتري هبته من الموهوب له؟
فالجواب: لا يجوز؛ لأن الغالب أنك إذا اشتريت الهبة فسوف يُنزل لك، هذا الغالب، هو يستحيي أن يماكسك، لو وهبت له ما يساوي مئة ثم أردت أن تشتريه منه فإنه سوف يقول .. يعني لو قلت: بثمانين، قال: توكل على الله، خذ، يخجل أن يقول: لا إلا بمئة، وحينئذٍ تكون قد رجعت في بعض الهبة لكن بطريق غير مباشرة.