وهنا لا يصح القياس؛ لأن القياس مخالف للعموم، فالأصل أن الأم إذا وهبت أبناءها أو بناتها لا يحل لها أن ترجع، والجد أبو الأب، أو أبو الأم لا يرجع.
وقوله:(إلا الأب) هل يحتاج أن نقول: إلا الأب الحر؟ أو نقول: إنه لا يمكن أن يهب إلا إذا كان حُرًّا؟ نعم، نقول هكذا، لا يحتاج أن نقيد الأب بالحر؛ لأنه لا يهب إلا وهو حر.
وظاهر كلام المؤلف أن الأب يرجع ولو كان كافرًا فيما وَهَبَه لابنه المسلم؛ للعموم، فلو أن رجلًا غنيًّا كافرًا وَهَبَ لابنه المسلم شيئًا فله أن يرجع؛ لأن الحديث عام.
قال:(وله)، الضمير يعود على الأب، ولكن الضمير هنا لا بد فيه من شرط، وهو أن يكون الأب حُرًّا، فنقول:(له) يعود على الأب لكن بقيد أن يكون حُرًّا؛ لأن غير الحر لا يملك فكيف يتملك؟ ولأن غير الحر لو تملك من مال ابنه إلى أين يرجع ما تملكهم؟ لسيده، فهنا نقول: مرجع الضمير الذي هو الأب لا بد فيه من شرط وهو أن يكون حُرًّا.
وهل يُشترط أن يكون موافقًا لابنه في الدين؟ إن نظرنا إلى إطلاق الحديث قلنا: لا يُشترط؛ وعلى هذا فيجوز للأب الكافر أن يأخذ من مال ولده المسلم، وللأب المسلم أن يأخذ من مال ولده الكافر، هذا ظاهر الحديث.
وقيل: إنه لا يُمكَّن الأب الكافر من الأخذ من مال ولده المسلم؛ لأنه لا صلة بينهما ولا توارث؛ ولأن الله يقول:{وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا}[النساء: ١٤١]، ولأننا لو مكَّنَّا الأب الكافر من الأخذ من مال ولده المسلم لكان في ذلك إذلال للمسلم، وربما يقصد الأب الكافر أن يذل ابنه بالأخذ من ماله، ولا شك أن الأب الكافر ليس له الحق؛ يعني عندي لا شك أنه ليس للأب الكافر أن يأخذ من مال ولده المسلم.