ولا يحتاجه، الحاجة أبطل من الضرورة؛ فإنه ليس له أن يأخذ ما تتعلق به حاجة الابن، مثال ذلك: الابن عنده فُرش في البيت، يحتاجها ولكن ليست ضرورة، لكن يحتاجها إذا جاءه ضيوف، عنده زيادة على قوت يومه وليلته، لكن يحتاجها، فهل للأب أن يتملك هذا؟ لا؛ لأن هذا تتعلق به حاجة الابن، ومن ذلك سُرِّيَّة الابن إذا كان يحتاجها، ولو كان عنده إماء كثير؛ لأنها تتعلق بها نفسه، هذا شرط. إذن يُشترط ألا يضر الابن، والثاني: ألا يحتاجه.
(فإن تصرف في ماله ببيع أو عتق أو إبراء)؛ لم يصح، إن تصرف الأب بماله، أي بمال ابنه، فالضمير تصرف اللي هو الفاعل يعود إلى الأب، وضمير المجرور بماله في قوله:(بماله) يعود إلى الابن، إن تصرف في ماله.
(ولو فيما وَهَبَه له) هذه إشارة خلاف؛ يعني تصرف الأب في مال ابنه ولو فيما وهبه له؛ فإنه لا يصح التصرف، وإنما نص على ما وهبه له؛ لا يقول قائل: إن تصرف الأب فيما وهبه لابنه دليل على الرجوع، فيقال: لا، الرجوع لا بد فيه من قول، وهذا الرجل تصرف بلا قول، مثاله: وهب ابنه سيارة، ثم إنه باع السيارة بعد أن وهبها لابنه وقبضها، باع السيارة الأب؛ فإنه لا يملك ذلك، لماذا؟ لأن السيارة لم تزل على ملك الابن، هو لم يتملكها الآن، لم يرجع في هبته.
طيب أجَّرَها، يصح التأجير؟ لا؛ لأنه لم يتملك.
إذن كيف يستطيع أن يبيعها أو يؤجرها؟ يرجع في الهبة، يقول: إني رجعت فيما وهبته لابني. حينئذٍ ترجع إلى ملك الأب، ويتصرف فيها.
وقول:(فيما وهبه له) هذه إشارة خلاف؛ وهو أن بعض العلماء رحمهم الله يقول: إذا تصرف فيما وهبه لابنه فإن تصرفه يدل على الرجوع، قاسوا ذلك على رجل وكَّلَك في بيع شيء، ثم باعه هو، يصح أو لا يصح؟ أجيبوا يا جماعة.