ويستويان أيضًا بأنهما أدنى أجرًا وثوابًا من العطية في الصحة؛ لأن المراتب الآن: عطية في الصحة، عطية في مرض الموت، وصية. مراتب؛ أفضلها العطية في الصحة لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«خَيْرُ الصَّدَقَةِ» أو قال: «أَفْضَلُ الصَّدَقَةِ أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَأْمَلُ الْبَقَاءَ وَتَخْشَى الْفَقْرَ، وَلَا تُمْهِلُ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ قُلْتَ: لِفُلَانٍ كَذَا وَلِفُلَانٍ كَذَا، وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ»(١٣) يلي ذلك العطية، يلي ذلك الوصية، الوصية متأخرة.
فإن قال إنسان: لماذا تجعلون العطية وهي في مرض الموت أفضل من الوصية؟ لأن المعطي يأمل أن يُشْفَى من هذا المرض، والوصية ما تكون إلا بعد الموت، فلذلك كانت العطايا صدقات كانت أو غير صدقات على النحو التالي أفضلها؟ أجيبوا يا جماعة.
طلبة: في الصحة.
الشيخ: في الصحة، ثم؟
طلبة: في المرض.
الشيخ: في المرض المخوف، ثم؟
طلبة: في الوصية.
الشيخ: في الوصية، أما المرض غير المخوف فهذا حكمُه حكم الصحة؛ لأن الرجل لا يتوقع الهلاك.
يقول المؤلف:(يساوى بين المتقدم والمتأخر في الوصية، وفي العطية يُبْدَأ بالأول فالأول) إي نعم، مثال ذلك: رجل أعطى شخصًا عشرة آلاف عطيةً، ثم أعطى الآخر عشرة آلاف، ثم صار ثُلُثَه عشرة آلاف فقط، من يستحقها؟
طلبة: الأول.
الشيخ: الأول، ألا نقسمها بينهم بنصفين؟ ألا نقرع؟ لا؛ وذلك لأن الأول لما أُعْطِي ملك العطية ودخلت في ملكه، فتأتي عطية الثاني زائدة على الثلث فلا تُنَفَّذ إلا بإجازة الورثة المرشدين.
في الوصية؛ أوصى لشخص بعشرة آلاف، وبعد مدة أوصى لآخر بعشرة آلاف، ثم مات، وصار الثلث عشرة آلاف فقط؟
طلبة:( ... ).
الشيخ: يقسم بينهما، ليش ما نعطي اللي أوصى له أولًا؟ لأن الوصية إنما تثبت حين الموت، وهما في هذه الحال سواء، فصار سبب ثبوت الملك لهما، أيش؟ متفقًا في الزمن، فاستويا فيما يملكان.